استدلال ضعيف, فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فعلوها, ولم يُنْقل عنهم سلامٌ منها, ولهذا أنكره أحمد وغيره. وتجويز كونه سلَّم منه ولم يُنقل، كتجويز كونه سلَّم من الطواف.
قالوا: والسجود هو من جنس ذِكْر الله وقراءة القرآن والدعاء, ولهذا يُشرع في الصلاة وخارجها, فكما لا يُشترط الوضوء لهذه الأمور وإن كانت من أجزاء الصلاة، فكذلك لا يشترط للسجود. وكونه جزءًا من أجزائها لا يوجب أن لا يُفْعَل إلا بوضوء.
واحتجَّ البخاريُّ بحديث ابن عباس:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد بالنجم, وسجد معه المسلمون والمشركون والجنُّ والإنسُ"(١). ومعلوم أن الكافر لا وضوء له.
قالوا: وأيضًا فالمسلمون الذين سجدوا معه - صلى الله عليه وسلم - لم يُنقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بالطهارة, ولا سألهم هل كنتم متطهِّرين أم لا؟ ولو كانت الطهارة شرطًا فيه للزم أحد الأمرين: إما أن يتقدم أمرُه لهم بالطهارة, وإما أن يسألهم بعد السُّجود ليبين لهم الاشتراط, ولم يَنْقل مسلمٌ واحدًا منهما.
فإن قيل: فلعلَّ الوضوءَ تأخرت مشروعيته عن ذلك, وهذا جواب بعض الموجِبين.
قيل: الطهارة شُرِعت للصلاة من حين المَبْعَث, ولم يصلِّ قطّ إلا