للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أكل الجنين الذي يجدونه بعد الذبح، فأفتاهم بأكله معلِّلًا جَرَيان (١) ذكاة أمه عليه، وأنه لا يحتاج إلى أن يُفرد بالذكاة.

الثالث: أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعظم الخلق فهمًا لمراده بكلامه، وقد فهموا من هذا الحديث اكتفاءَهم بذكاة الأم عن ذكاة الجنين، وأنه لا يحتاج أن يُفرد بذكاة، بل يؤكل. قال عبد الله بن كعب بن مالك: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون: «إذا أشعر الجنين فذكاته ذكاة أمّه» (٢)، وهذا إشارة إلى جميعهم.

قال ابن المنذر (٣): كان الناس على إباحته، لا نعلم أحدًا منهم خالف ما قالوه، إلى أن جاء النعمان (٤)، فقال: لا يحل، لأن ذكاة نفسٍ لا تكون ذكاة نفسَين.

الرابع: أن الشريعة قد استقرت على أن الذكاة تختلف بالقدرة والعجز،


(١) ط. الفقي: «حلالًا بجريان»، تحريف.
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٨٦٤١) وابن عبد البر في «الاستذكار» (٥/ ٢٦٤) بإسناد صحيح. وعبد الله بن كعب بن مالك من كبار التابعين، وقيل: وُلد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(٣) ليس في القدر المطبوع من «الأوسط» و «الإشراف»، وقد نقله الموفق في «المغني» (١٣/ ٣٠٩).
(٤) هو أبو حنيفة، وهذا القول: «لا تكون ذكاةُ نفسٍ ذكاةَ نفسَين» كان يرويه أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قولَه، كما في «الموطأ» برواية محمد بن الحسن (٦٥٢). ولعل إبراهيم قال ذلك في مسألة أخرى غير مسألة ذكاة الجنين، لأنه ثبت من طرق صحيحة عنه أنه قال: «الجنين ذكاته ذكاة أمه». أخرجها الفسوي في «المعرفة والتأريخ» (٢/ ٧٩٢) ومن طريقه البيهقي (٩/ ٣٣٦).