للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مُلحَق به.

وهذا من أوضح القياس وأبينه، وأَدَلِّه على دقَّة أفهام الصحابة وبُعدِ غَورهم في فهم (١) مآخذ الأحكام. وقد أشار إلى هذا في قوله في الحديث: «هي بمنزلة أمه وأبيه». حتى لو لم ترد هذه الآثار لكان هذا محضَ القياس الصحيح.

وإذا ثبت أن عصبة أمه عصبة له، فهي أولى أن تكون عصبتَه، لأنهم فرعها وهم إنما صاروا عصبةً له بواسطتها، ومن جهتها استفادوا تعصيبهم، فأن تكون هي نفسها عصبةً أولى وأحرى.

فإن قيل: لو كانت أمه بمنزلة أمه وأبيه لحجبت إخوتَه ولم يرثوا معها شيئًا، وأيضًا: فإنهم إنما يرثون منه بالفرض، فكيف يكونون عصبةً له؟

فالجواب: أنها إنما لم تحجب إخوته من حيث إن تعصيبها مفرَّع على انقطاع تعصيبه من جهة الأب، كما أن تعصيب الولاء مفرَّع على انقطاع التعصيب من جهة النسب، فكما لا يحجب عصبةُ الولاء أحدًا من أهل النسب، كذلك لا تحجب الأم الإخوة لضعف تعصيبها وكونِه إنما صار إليها ضرورةَ تعذُّرِه من جهة أصله، وهو بِعُرْض الزوال، بأن يُقرّ به الملاعن فيزول.

وأيضًا: فإن الإخوة استفادوا من جهتها أمرين: أخوة ولد الملاعنة وتعصيبه، فهم يرثون أخاهم معها بالأُخوَّة لا بالتعصيب، وتعصيبها إنما يدفع تعصيبهم لا أُخوَّتهم، ولهذا وَرِثوا معها بالفرض لا بالتعصيب، وبالله


(١) «فهم» من (هـ).