للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واختلف السلف في ذلك، فمنهم من أخذ بظاهر الحديث، وهم الأكثر. روي عن عائشة قالت: «هو كالفرار من الزحف» (١).

ومنهم من دخل إلى بلاد الطاعون وخرج عنها. ورُوي هذا المذهب عن عمر بن الخطاب، وأنه ندم على رجوعه من سَرْغ (٢).

وروي عن أبي موسى الأشعري، ومسروق، والأسود بن هلال: أنهم فروا من الطاعون (٣)، وروي عن عمرو بن العاص نحوه (٤).


(١) روي ذلك من حديثها مرفوعًا. أخرجه أحمد (٢٤٥٢٧) وابن خزيمة بإسناد حسن، كما قال الحافظ في «الفتح» (١٠/ ١٨٨).
(٢) أخرج ابن أبي شيبة (٣٤٥٤٠) عن ابن عمر أنه سمع أباه يقول: «اللهم اغفر لي رجوعي من غزوة سَرْغ» يعني حين رجع من أجل الوباء. وانظر في تأويل ذلك وتوجيهه كلام الحافظ في «الفتح» (١٠/ ١٨٧) فإنه كلام رصين وتوجيه متين.
(٣) أما أبو موسى فأخرج الطبري في «تهذيب الآثار» (١١١، ١١٢ - الجزء المتمم) أنه بعث بِنْتَه إلى الأعراب من الطاعون، وإسناده ضعيف. وأخرج هو (١١٣) والطحاوي في «معاني الآثار» (٤/ ٣٠٥) بإسناد صحيح أنه لما وقع الطاعون في أهله أذن للناس أن يجفوا عنه وقال: «فمن شاء منكم أن يتنزه فليتنزّه ... ». وأخرج ابن سعد في «الطبقات» (٤/ ١٠٤) أنه لمّا وقع الطاعون أشار عليه أخوه بالخروج فلم يوافق.
أما مسروق، فأخرج الطبري في «التهذيب» (١١٦) عنه أنه كان يفرّ من الطاعون، ولكن صحّ عن امرأته أنها قالت: «كلّا والله ما كان يفر، ولكنّه يقول: أيام تشاغُلٍ فأحب أن أخلو للعبادة، فكان يتنحّى فيخلو للعبادة». أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (٨/ ٢٠٢). أما فرار الأسود بن هلال، فصحّ عند الطبري في «التهذيب» (١١٥).
(٤) أخرجه الطبري في «تهذيب الآثار» (١١٨ - الجزء المتمم) والطحاوي في «معاني الآثار» (٤/ ٣٠٦) عنه أنه قال: «إنه رجز فتفرَّقوا عنه»، ولكنه تراجع لمّا أنكر عليه شرحبيل ابن حسنة - رضي الله عنه -.