للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن القيم - رحمه الله - (١): استعمل أبو سعيد الحديث على ظاهره، وقد رُوي في تحسين الكفن أحاديث (٢). وقد تأوله بعضهم على أن معنى الثياب العمل، كَنَى بها عنه، يريد أنه يُبعث على ما مات عليه من عمل صالح أو سيِّئ. قال: والعرب تقول: «فلان طاهر الثياب»، إذا وصفوه بطهارة النفس والبراءة من العيب والدَّنَس، وتقول: دَنِس الثياب إذا كان بخلاف ذلك، واستدل بقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر:٤] وأكثر المفسرين على أن المعنى: وعملَكَ فأصْلِح ونفسك فزَكِّ (٣). قال الشاعر (٤):

ثيابُ بني عوفٍ طَهارَى نقيَّةٌ

قال: وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يحشر الناس حُفاةً عُراة» (٥).

وقالت طائفة: البعث غير الحشر، فقد يجوز أن يكون البعث مع الثياب، والحشر مع العُرْي والحَفا.


(١) أفاد المؤلف في شرح الحديث من كلام الخطابي في «المعالم» (٤/ ٢٨٥).
(٢) منها حديث جابر عند مسلم (٩٤٣) بلفظ: «إذا كفن أحدكم أخاه، فليحسّن كفنه». وبنحوه حديث أبي قتادة عند الترمذي (٩٩٥) بإسناد حسن.
(٣) هو قول ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، وإبراهيم النخعي، وغيرهم. انظر: «تفسير الطبري» (٢٣/ ٤٠٥ - ٤٠٩).
(٤) صدر بيت لامرئ القيس في «ديوانه» (ص ٨٣)، وعجزه: «وَأوْجُههم عند المَشاهدِ غُرّانُ».
(٥) أخرجه البخاري (٣٣٤٩، ٦٥٢٧) ومسلم (٢٨٦٠، ٢٨٥٩) عن ابن عباس وعائشة - رضي الله عنهم -.