للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول أحد الأساقفة في الجاهلية:

منع البقاءَ تقلُّبُ الشَّمسِ … وطلوعُها من حيثُ لا تُمسِي

وطلوعُها حمراءَ صافيةً … وغروبُها صفراءَ كالورْسِ

اليومُ أعلمُ ما يجيءُ به … ومضى بفصلِ قضائِه أمسِ (١)

وينبغي التنبه إلى أنه إذا أريد بكلمة "أمس" يومٌ ما من الأيام الماضية أو دخلته "أل" أو أضيف أعرب بإجماع، مثل "ماضي العمر أمسٌ له والمستقبل بيد الله" و "مضى أمسُنا بخيره وشره، فلنعشْ يومنا" وفي القرآن: ﴿فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ﴾.

ذلك أهم ما يبنى دائما من الأسماء، هناك أسماء يعرض لها البناء في استعمالات خاصة -كالمنادى المفرد العلم واسم "النافية للجنس"- وأسماء تبنى أحيانا وتعرب أحيانا أخرى، مثل "قبل، بعد، أسماء الجهات" وسيأتي شرح ذلك في موضعه من أبواب النحو المتفرقة مثل "لا: النافية للجنس، النداء، الإضافة" إن شاء الله.


(١) البقاء: الخلود، الورس: الزعفران، فصل قضائه: ما حدث فيه.
يقول: لا خلود في الحياة؛ إذ لا دوام على حالة واحدة؛ فالشمس تشرق حمراء وتغرب صفراء، وهي إحدى ظواهر الكون العظيمة، فكيف بالإنسان الضئيل إلى جانبها، بل من دلائل ضعف الإنسان وجهله أمام المستقبل أنه يعلم ما تقدمه له الأحداث فقط.
الشاهد فيه: كلمة "أمس" في البيت الأخير، إذ بنيت على الكسر في لغة الحجازيين، وقد استوفت شرطها؛ إذ أريد بها اليوم السابق مباشرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>