للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي دعا إلى هذا التقدير الغريب أمر ذهني هو "الرغبة في اطّراد القواعد" وتوضيح ذلك فيما نحن بصدده أن إضمار "أن" -كما سنعرف بالتفصيل- يأتي بعد حرفين للجر هما "لام الجحود، حتى" وبعد ثلاثة للعطف هي "أوْ، فاء السببيبة، واو المعية" فإذا جاء المضارع منصوبا بعد الأولى يجب أن تبقى حروف جر، ويبحث له عن حرف نصبه هو "أن" المضمرة، وإذا جاء منصوبا بعد الأخيرة، يجب أن تبقى حروف عطف ويبحث له عن ناصب هو "أن" المضمرة.

ذلك منطقهم!! وهو منطق متكلف، ومن السهل نقضه، إذ إن استعمال هذه الحروف مع الأفعال المنصوبة يختلف عن استعمالها حروف جر أو عطف مع غيرها، فلماذا يفرض استعمال على استعمال!! ولماذا لا تكون مع الأفعال المنصوبة حروف نصب مثل الحرف "أن" تماما!! لعل ذلك كان وجهة نظر الكوفيين ومن يعتد بهم من النحاة -كابن مضاء- الذين قالوا بما يقرب من هذا الرأي السابق.

وعلى كل حال، فسنتناول هذه الحروف الخمسة، واحدا بعد الآخر على أساس أن "أنْ" مضمرة بعدها متابعة لجمهور النحاة.

[الحرف الأول: لام الجحود "لام التعليل، لام العاقبة"]

لاحظ الأمثلة التالية:

غداة الهزيمةِ لم يكنْ هناك عربيٌّ ليقْبَلَ العارَ

وما كان أحدٌ ليتوقّعَ أن يحدُثَ ما حَدث. … "لام الجحود".

لكن اليهود بيَّتُوا الغدرَ ليُفاجئونا. … "التعليل".

<<  <  ج: ص:  >  >>