والحق أن التحديد الأول أدق وأشمل من الثاني الذي عارضه من يُعْتَدّ بهم من النحاة.
[لماذا سميت مشبهة؟]
لاحظ الأمثلة التالية:
كان الرسولُ شريفًا النفسَ طيبًا الأخلاقَ.
وكان أبو بكر ضَئيلًا جسمَه شُجاعًا رُوحَه.
في المثالين السابقين نجد في المثال الأول صفتين مشبهتين هما "شريف، طيب" والاسم الذي بعدهما يمكن نصبه فينطق "النفسَ، الأخلاقَ" كذلك في المثال الثاني صفتان مشبهتان هما "ضئيل، شجاع" وبعدهما أيضا اسمان منصوبان هما "جسم، روح".
إن المعني الذي يخطر هنا على الذهن هو: أن الصفة المشبهة تؤخذ من الفعل اللازم -كما سبق القول في تعريفها- فكيف إذن أتى بعدها الاسم منصوبا في الاستعمال اللغوي مع أن الفعل اللازم لا ينصب الاسم بعده؟
هذه هي المشكلة التي واجهت النحاة، فتخلصوا من ذلك بإطلاقهم على هذه الصفات أنها "مشبهة" ومعنى ذلك -في رأيهم- أنها مشبهة باسم الفاعل المتعدي لواحد الذي ينصب بعده المفعول، وما دامت مشبهة به فيصح أيضا أن يأتي بعدها المنصوب، أما وجوه المشابهة بينها وبين اسم الفاعل فتتلخص في أمرين:
الأول: أنها تدل مثله على معنى وصاحبه، فهي وصف مثله تماما، فكما أن "مُكْرِم" اسم فاعل تدل على شخص ينسب له الكرم، وكذلك "كريم" صفة مشبهة تدل على المعنى السابق نفسه.
الثاني: أن كلا منهما يكون مفردًا ومثنى ومجموعًا، مذكرًا ومؤنثًا.