وفي هذا الاستعمال يصح في الحرف "كي" الوجهان، أن تكون مصدرية وأن تكون تعليلية، وإنما تكون كذلك إذا خلت مما يجذبها للمصدرية أو التعليلية، أو إذا تنازعها ما تكون به مصدرية وتعليلية، ويأتي ذلك كما يلي:
١ - إذا لم يتقدم عليها "اللام" ولم تأت بعدها "أن" المصدرية، حيث تستعمل وحدها في الجملة، كقول القرآن عن المال: ﴿كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾ فيصح توجيه "كي" مصدرية أو تعليلية.
٢ - أن يتقدم عليها "اللام" وتتأخر عنها "أن" فاللام تقتضيها مصدرية ووجود "أن" يقتضيها تعليلية، حينئذٍ يصلح توجيهها على أنها مصدرية أو تعليلية كما في المثال السابق "الانحرافُ عاملٌ مدمّرٌ لكيما أنْ تتعثّرَ الحياة".
[إضمار "أن" وجوبا]
هكذا يرى جمهور النحاة: تضمر "أن" وجوبا، فهي لم تظهر أبدا ومع ذلك فهي مقدرة بعد حرفين من حروف الجر، وثلاثة من حروف العطف، ففي الأمثلة:
لولا الجامعةُ ما كنت لأتثقَّفَ علميًّا أو لأتهذَّبَ اجتماعيًّا.
وإنني لأبذلُ غايةَ الجَهْدِ حتى أحققَ الغايتين معا.
الأفعال "أتثقف، أتهذب، أحقق" على التوالي منصوبة "بأنْ" مضمرة وجوبا، أي مضمرة دائما ولا تظهر أبدا.