للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البدل والمبدل منه من حيث الإظهار والإضمار]

تصور كل من البدل والمبدل منه ظاهرًا أو ضميرًا يتحصل منه أربع صور بأن يكونا ظاهرين أو مضمرين أو مختلفين، الأول مضمر، والثاني ظاهر أو العكس، فهذه أربع صور، لكن الذي استعملته اللغة من هذه الأربع صورتان فقط هما:

الأولى: إبدال الظاهر من الظاهر -كما مر من الأمثلة- وكقولنا: "ممن ناصروا الرسولَ عمُّه أبو طالب وزوجُه خديجة، وممن آذَوه عمُّه أبو جهل وجارتُه حمالةُ الحطب".

الثانية: إبدال الظاهر من الضمير، وفيه التفصيل الآتي:

أ- إذا كان الضمير للغيبة جاز البدل مطلقا، كقولك: "أحترمهم جميعا الزّملاءَ والزميلاتِ" ومن ذلك:

- قول القرآن: ﴿وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ (١)، الذين: بدل من واو الجماعة، بدل بعض من كل "في بعض الآراء".

- قول القرآن: ﴿وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ﴾ (٢)، "أن أذكره" مصدر مؤول بدل من ضمير الغيبة في "أنسانيه" بدل اشتمال.

ب- إذا كان الضمير للمتكلم أو المخاطب، والبدل بعض أو اشتمال جاز البدل أيضا، ومما ورد تأييدا لذلك قول النابغة الجعدي في حضرة الرسول:

بَلَغْنَا السماءَ مَجْدُنَا وسَنَاؤُنَا … وإنَّا لنرجو فوق ذلك مَظهَرا (٣)

فإن "مجدُنا" بدل من ضمير المتكلمين فيِ "بلغنا" بدل اشتمال


(١) من الآية ٣ من سورة الأنبياء.
(٢) من الآية ٦٣ من سورة الكهف.
(٣) سناؤنا: السناء هو الشرف وعلو المنزلة، مظهرا: ظهورا ورفعة.
الشاهد: في "بلغنا السماء مجدنا" فإن "مجدنا" بدل اشتمال من ضمير المتكلمين الفاعل في "بلغنا"، وهذا جائز في اللغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>