ويبدو أن السبب في هذا الشرط الأخير هو الشرط الثاني، فإن هذه التجربة الذهنية السابقة لصحة المعنى إنما هي وسيلة -مع النهي خاصة- لمعرفة ترتب الفعل على الطلب أو عدم ترتبه عليه، وبذلك يكون جزمه أو رفعه.
وقد وضع ابن هشام لذلك علامة في قوله:
"وشرط الجزم بعد النهي كون الجواب أمرا محبوبا كدخول الجنة والسلامة في قولك: "لا تكفرْ تدخل الجنة" و "لا تدنُ من الأسد تسلَم" فلو كان أمرا مكروها كدخول النار وأكل السبع في قولك: "لا تكفرْ تدخلُ النار" و "لا تدنُ من الأسد يأكلُك" تعين الرفع ا. هـ.
[الحروف التي تجزم فعلا واحدا]
وهي أربعة أحرف "لم، لما، لام الطلب، لا: الطلبية" ويمكن الحديث عنها في مجموعتين على النحو التالي:
المجموعة الأولي: لم، لما:
لاحظ الأمثلة الآتية:
الشعب الواعي من لم ينخدع بالمظاهر والكذب.
لكن: ألم نكذبْ على أنفسنا حتى فاجأتنا الحقيقة؟
وألمّا ننافق الأقوياءَ ونُغْفَلْ صوتَ العقل؟
ومع ذلك فلمَّا نفقدْ كلَّ الأملِ بعد.
من حروف جزم المضارع "لم، لمّا" ويطلق على الأول أنه "حرف نفي وجزم وقلب" ومعنى ذلك أنه ينفي المضارع المثبت، ويجزمه، ويقلب معناه للماضي، ويطلق على الحرف الثاني -لمَّا- مثل الأول تمامًا.