للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتدخل على كل منهما همزة الاستفهام، كقول القرآن: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ (١) وقول العرب: "ألَمَّا تصحُ والشيبُ وازعُ".

وإلى هنا يتفق الحرفان الجازمان "لم، لما" لكنهما يختلفان بعد ذلك من حيث تحديد المعنى والاستعمال اللغوي.

أما من حيث تحديد المعنى -مع أنهما يفيدان النفي- فيتمثل ذلك في أمرين:

أ- أن "لمْ" تنفي الماضي مطلقا بصرف النظر عن استمرار النفي حتى وقت التكلم، أما "لمّا" فإنها تنفي الماضي، حتى زمن التكلم.

ب- أن "لمْ" تنفي الماضي ولا شأن لها بالمستقبل، أما "لمّا" فإنها تنفي الماضي مع توقع حدوث ما نُفِيَ في المستقبل.

فلنلاحظ الشواهد التالية:

- قول القرآن: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً﴾ (٢).

- قول القرآن: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإيمَانُ فِي قُلُوبِكُم﴾ (٣).

- قول الشاعر:

فإن كنتُ مأكولًا فكنْ خيرَ آكلٍ … وإلَّا فأدركْني ولما أُمَزَّقِ (٤)


(١) الآية الأولى من سورة الشرح.
(٢) الآية الأولى من سورة الإنسان.
(٣) من الآية ١٤ من سورة الحجرات.
(٤) البيت -كما يقول الصبان- لشاعر جاهلي غير معروف، وقد تمثل به عثمان "" حين حاصره الثوار في بيته، فكتب إلى عَلِيّ "" كتابا وفيه هذا البيت.
الشاهد: "لما أمزق" حيث جزمت "لما" الفعل المضارع "أمزق" ومعناها نفي الماضي حتى الوقت الحاضر مع توقع حدوث ما نفي في المستقبل، ولا شك أن عثمان كان يتوقع "التمزيق" وقد مزق فعلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>