للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا أَرْغَمَ اللهُ أنفًا أنت حامِلُه … يا ذا الخنَى ومقالِ الزُّورِ والخَطَلِ

ما أنتَ بالحكَم الترْضَى حكومَتُه … ولا الأصيلِ ولا ذي الرّأيِ والجدلِ (١)

ففي البيت الأول دخل حرف النداء على الفعل في "يا أرغم" وهي من علامات الأسماء، والرأي أن المنادى اسم محذوف، والتقدير "يا هذا أرغم الله" أو أن "يا" حرف للتنبيه لا للنداء، ومثل ذلك أيضا قول القرآن: ﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾ (٢)، وقول الرسول: "يا رُبَّ كاسيةٍ في الدُّنيا عاريةٌ يوم القيامة" حيث دخلت "يا" في الآية على الحرف "ليت" وفي الحديث على الحرف "رُبّ".

وفي البيت الثاني دخلت "أل" على الفعل في "التُرضَى"، وهي من علامات الأسماء.

وقد علق ابن هشام على هذا البيت الثاني بقوله: ذلك ضرورة قبيحة، وإن استعمال مثل ذلك في النثر خطأ بإجماع ا. هـ.


(١) أرغم الله أنفا: الرغام هو التراب، ومعنى العبارة: عفر أنفه بالتراب والمقصود: الإذلال والإهانة. الخنى: الفحش. الخطل: سوء الرأي. الجدل: قوة الحجة في المناقشة.
ومعنى البيتين: إنك ذليل مهان فاحش، كلامك زور ورأيك فاسد، فلست كفئا للحكم بين الناس، فلا أنت شريف، ولا ذو رأي سليم أو حجة مقبولة.
والشاهد في البيتين: دخول بعض علامات الأسماء على الأفعال، إذ دخل حرف النداء "يا" على الفعل "أرغم" ودخلت "أل" على "ترضى".
والرد على ذلك أن "يا" لم تدخل على الفعل، بل دخلت على منادى محذوف وهو اسم، أو هي للتنبيه لا النداء، وأما دخول "أل" على الفعل فهو -كما قال ابن هشام- ضرورة قبيحة.
(٢) من الآية ٢٦ من سورة "يس".

<<  <  ج: ص:  >  >>