للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما أنه لا شأن للنحو بالكلام الذي يفهم من الخط وحده دون أن ينطق وهو ما يفهم من النظر بالعين دون نطق اللسان، كقول العرب "القلمُ أحدُ اللِّسانين" وتسميتنا ما في المصحف "كلام الله".

كما أنه لا شأن للنحو أيضًا بالكلام الذي يفهم من الإشارة، أي بحركات العين أو اليدين أو الرأس أو غيرهما من أجزاء الجسم، وكذلك إضاءة علامات المرور باللون الأحمر أو الأخضر، فكل ذلك وإن كان يشير إلى كلام يفهم منه، كما قال عمر بن أبي ربيعة:

أشارتْ بطرْف العينِ خيفةَ أهلها … إشارةَ محزونٍ ولمْ تَتَكَلَّمِ (١)

فأيقنتُ أن الطَّرْفَ قد قال مرحبًا … وأهلا وسهلًا بالحبيبِ المُتَيَّم

لكنه كلام غير منطوق، ولذلك لا يدخل في الكلام الذي يعترف به النحو.

كما أنه لا شأن للنحو بالكلام الذي تدل عليه الحال، وفي الدلالة التي تفهم من المشهد دون نطق، كأن تنظر إلى مستشفى فتعرف أن "هنا مرضى" أو أن تمر على الجامعة، فتدلك على أن "حضارة الأمة تصنع هنا" وكما قال نصيب بن رباح يمدح سليمان بن عبد الملك:

فعاجُوا فأثْنَوا بالذي أنت أهلُه … ولو سكتوا أثنتْ عليك الحقائب (٢)


(١) تضمن البيتان إشارة بطرف العين دون نطق، وقد فهم من هذه الإشارة -كما قال ابن أبي ربيعة- مرحبا وأهلا وسهلا.
لكن هذا الفهم من الإشارة لا يعتد به في الكلام المصطلح عليه لدى النحاة لأنه ليس نطقا.
(٢) عاجوا: انعطفوا ومالوا، أثنوا: الثناء: ذكر الخير.

<<  <  ج: ص:  >  >>