للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سودٍ، نعاجٌ كنعاجِ الدَّشْتِ (١)

- قال حميد بن ثور يصف الذئب:

ينامُ بإحْدى مُقْلَتَيْهِ ويتَّقي … بأخرى المنايا فهو يقظانُ هاجعُ (٢)

ذلك هو أصل الموضوع، ومع ذلك فإنه ينبغي التنبه للأمرين التاليين:

الأول: أن الأخبار المتعاطفة لا تعتبر من هذا الأسلوب، فهناك فرق بين:

أن نقول: النفاقُ غشٌّ كذبٌ خداعٌ.

وأن نقول: النفاقُ غشٌّ وكذبٌ وخداعٌ.

إذ يلاحظ أن الأخبار في الأول متجهة كلها إلى المبتدأ "النفاق" وأما في الثاني فقد اتجه منها للمبتدأ الاسم الأول فقط، أما الثاني فهو متجه للأول بواسطة حرف العطف، والثالث متجه للثاني بواسطة حرف العطف وهكذا.

من أجل ذلك تعتبر الصورة الأولى من تعدد الخبر، أما الثانية فليست من تعدد الخبر.

الثاني: أن الأخبار المتعددة قد تكون من نوع واحد، أي من المفردات أو الجمل أو شبه الجمل، وقد تختلف، فيكون بعضها مفردا وجملة وشبه جملة، تقول: "طوال الليل أنا ساهرٌ أتَملمَلُ".


(١) بت: كساء سميك خشن "العباءة"، مقيظ: "القيظ" شدة الحر، الدشت: -كما جاء في القاموس- الصحراء.
يقول: إن لي -كالناس- كساء من صوف يقيني الحر والقر، وألبسه في الصيف والشتاء، إنه مصنوع من صوف نعجات ست سود كنعاج الصحراء.
الشاهد: في "مقيظ مصيف مشتي" فإنها أخبار متعددة لمبتدأ محذوف وتقديره "وأنا مقيظ مصيف مشتي".
(٢) هاجع: "الهجوع" النوم ليلا، المنايا: جمع "منية" وهي الموت يقول: إن هذا الذئب حذر شديد الحذر، إنه يغمض إحدى عينيه ويفتح الأخرى، ليتقي بها مفاجآت الموت، فهو نائم يقظان.
الشاهد: في قوله: "هو يقظان هاجع" فقد تعدد الخبر "يقظان هاجع" لمبتدأ واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>