إذا تأملنا هذا التعريف اتضح لنا أنه يشتمل على صفات خمس لها يقع تمييزا هي على الترتيب:
١ - أن يكون اسما.
٢ - أن يكون نكرة.
٣ - أن يكون فضلة.
٤ - أن يكون جامدا.
٥ - أن يوضح إبهام ما قبله.
والأمور الأربعة الأولى قد مر تفسيرها -فيما سبق- فنحن قد عرفنا "الاسم والنكرة والفضلة والجامد" فلا حاجة إلى إعادة توضيحها، أما القيد الأخير ففي حاجة إلى توضيح؛ لأن فكرة التمييز تقوم عليه.
إن التمييز -كما مر في المعنى اللغوي والنحوي- يبين شيئا مبهما في جملته أو بعبارة أخرى: يوضح أمرا غامضا في تلك الجملة، فيرفع الإبهام والغموض وهذا الشيء المبهم أو الغامض هو ما نسميه "الممَيَّز أو المفَسَّر" ولو أنه ذكر وحده دون التمييز لحارت النفس فيه، وذهبت بها حيرتها في كل اتجاه.
إذا عاودنا النظرة إلى الأمثلة السابقة، وقلنا في المثال الأول:"عاشت حضارة العرب أربعة عشر" -هكذا دون التمييز- لأثار ذلك تساؤلا هو أي شيء هذه الأربعة عشر؟ "يوما، شهرا، أسبوعا، قرنا" فإذا ذكر التمييز "قرنا" ذهبت تلك الحيرة، وفي المثال الثاني لو قلنا:"تأثر بها العالم" -هكذا دون التمييز- لأثار ذلك تساؤلا هو: بأي شيء تأثر العالم؟! في "الحضارة، التخلف، العقيدة، الثقافة، الأخلاق، التاريخ؟! " كل هذه احتمالات لا تزول إلا بذكر التمييز، فإذا ذكر التمييز "ثقافة وأخلاقا" زالت هذه الاحتمالات جميعا، وبان الأمر، فقرّت النفس.