للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عارضةٍ في حياتهم؟ " فتجيب: "لا، لا، لم يستسلموا لذلك" ومن هذا ما مرّ من قول جميل:

لا لا أبوح بِحُبِّ بثْنَةَ إنها … أخذتْ عَلَيَّ مَوَاثِقًا وعُهُودا

فإذا كان الحرف من غير حروف الجواب وهي كثيرة، فإنه يؤكد لفظيا بطريقة خاصة هي: أن يعاد الحرف مرة أخرى لكن بشرط أن يتصل بحرف التوكيد ما اتصل بالحرف المؤكَّد، كقول المتهم أمام القاضي: "إنَّني إنَّني بريءٌ" وقوله وهو يحكي: "في حياتي في حياتي قصة مروعة".

وما ورد على غير ما سبق من الشواهد فهو نادر أو شاذ، ومن ذلك قول الشاعر:

إنَّ إنَّ الكريمَ يحْلُمُ ما لم … يَرَينْ مَنْ أجَارَهُ قد ضِيمَا (١)

وقول مسلم بن معبد وقد نهبت إبله في الصَّدَقة:

بكتْ إبلِي وحُقَّ لها البكاءُ … وفرَّقها المظالِمُ والعَدَاءُ

فَلَا واللهِ لا يُلْفَى لِمَا بي … ولا لِلِمَا بهمْ أبدًا دواءُ (٢)


(١) من أجاره: من حماه، قد ضيما: قد ظلم وأهين.
يقول: الإنسان الأبي الكريم يستعمل الأناة والرفق ما لم يظلم من في حماه فإذا ظلم ترك الرفق والأناة واستعمل القوة والشدة.
الشاهد: في "إن إن الكريم" حيث أكد الحرف "إن" بإعادة لفظه وهو من غير حروف الجواب، والتوكيد بهذه الطريقة شاذ، ولو جاء على الوجه الصحيح لقال: "إن الكريم، إن الكريم".
(٢) العداء -بفتح العين- هو العداوة، لا يلفى: لا يوجد.
يقول: إن إبلي نهبت ظلما، فهي تبكي لظلمها ومن حقها البكاء، كما أبكي أنا أيضا لذلك ومن حقي البكاء، وإني لأقسم أن ما بيني وبين من نهبوها لن ينتهي وجرحه لن يلتئم، فإنه لا دواء له.
الشاهد: في البيت الثاني "ولا للما بهم" حيث أكدت "لام الجر" وهي من غير حروف الجواب بإعادة لفظها فقط، وهذا شاذ.

<<  <  ج: ص:  >  >>