للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مواعيد، إنشاءات" ومع ذلك يرى بعض النحاة صحة قيام المصدر المجموع بعمل الفعل، ومن ذلك قول الشاعر:

وَعَدْتَ وكان الخُلْفُ منك سَجِيَّةً … مَوَاعِيدَ عُرْقُوبٍ أخَاهُ بِيَثْرِبِ (١)

٢ - ألا يكون المصدر ضميرا، بأن ضميرا يعود على مصدر سابق أو متخيل من الكلام، والحق أن المصدر يقل وروده في اللغة ضميرا كقول القرآن: ﴿فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ (٢) فالضمير في "أعذبه" يعود على "العذاب" السابق في الآية.

٣ - ألا يكون المصدر دالا على المرّة، مثل "رَمْيَة، جَرْعَة، نَوْبَة، لَقْطَة"، وخالف في ذلك بعض النحاة، فأعملوا المصدر الدال على المرة استدلالا بقول الشاعر يصف الصحراء:

ودَاويَّةٍ قَفْرٍ يَحَارُ بِهَا القَطَا … أدلَّةُ رَكْبَيْهَا بناتُ النَّجَائِبِ

يُحَايِي بها الجَلْدُ الذي هو راكبٌ … بضَرْبَةِ كفَّيه المَلَا نَفْسَ راكبِ (٣)


(١) سجية: طبعا وخلقا، عرقوب: اسم يضرب به المثل بين العرب في إخلاف المواعيد، يثرب: مدينة الرسول.
يقول: لقد وعدت وأخلفت، وهذا من طبعك، مواعيدك لا يوثق بها كمواعيد عرقوب أخاه بيثرب، إذا كان دوما يخلف فيها!!
الشاهد: في قوله "مواعيد عرقوب أخاه" إذ أعمل المصدر "مواعيد" وهو جمع "موعد" وهذا اتجاه لبعض النحاة.
(٢) من الآية ١١٥ سورة المائدة.
(٣) الداوية: بتشديد الياء، الصحراء الشاسعة، قفر: جرداء، القطا: من طيور الصحراء التي تعرف فيها، بنات النجائب: النياق النجيبة، بها: بالصحراء الجلد: الصبور القادر على احتمال المكاره، بضربة كفيه الملا: التيمم.
يقول: رب صحراء شاسعة يضل سالكها من الإنسان والطيور حتى القطا، سلكتها مع صاحبي بدون دليل سوى ما نركبه من النياق النجيبة، فلما عطشت وأشرفت على الهلاك، قدم لي صاحبي الماء الذي معه، فأحياني به، وتيمم إذ لم يجد الماء.
الشاهد: في قوله: "بضربة كفيه الملا" إذ أعمل المصدر "اسم المرة" فأضافه للفاعل، ونصب بعده المفعول به.

<<  <  ج: ص:  >  >>