للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- قول عليّ: "لَأَنْ أصومَ يومًا من شعبانَ أحبُّ إلى من أن أفْطرَ يوما في رمضان".

أما البيت الذي استُشهد به على استعمال "حَبّ" دون همزة فله رواية أخرى، فقد ورد الشطر الثاني هكذا "أحَبُّ شيءٍ إلى الإنسان ما مُنِعَا" وعليها لا شاهد فيه.

الثانية: أن وزن "أفْعَل" قد يستخدم في الكلام ولا يقصد به المفاضلة بين شيئين، وذلك يرد في صورتين:

أ- ما كان على وزن "أفْعَل" من أوزان الصفة المشبهة، فيدل على مجرد الصفة ولا مفاضلة فيه، مثل: "الإنسانُ الأحمقُ من يتكلمُ قبل أن يَعْرِفَ، ويندفعُ قبل أن يَتَثَبَّتَ".

ب- ما يطلق عليه في النحو "أفعل التفضيل على غير بابه" بأن يقصد منه المبالغة في الصفة دون التفضيل، ويفهم ذلك من ظروف الكلام الذي ورد فيه، تقول: "اللهُ أرْحَمُ بعباده" فالمقصود هو المبالغة في الرحمة دون المفاضلة، وتقول: "الحقُّ أحَقُّ أن يُتَّبَعَ" فالمقصود هو المبالغة في جدارة الحق بالاتباع.

وقد ورد من ذلك قول الفرزدق:

إن الذي سَمَكَ السماءَ بَنَى لنا … بيتًا دَعَائمُه أعَزُّ وأطْوَلُ (١)


(١) سمك السماء: كماء جاء في القاموس- رفعها، دعائمه: أعمدة البيت التي يقوم عليها.
يقول مفتخرا: إن الله الذي رفع السماء جعل لنا شرفا عاليا رفيعا لا يدانيه أحد في العز والرفعة.
الشاهد: قوله: "دعائمه أعز وأطول" فقد جاء اسم التفضيل على غير بابه فالمقصود به المبالغة في الصفة، والمعنى "دعائمه عزيزة طويلة".

<<  <  ج: ص:  >  >>