للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ألَمًا فَكَانَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يَبْرَأ سَرِيعًا» (١) .

وَكَذلِكَ الْعِلَاجُ بِالرُّقَى النَّبَويَّةِ الثَابِتَةِ مِنْ أَنْفَعِ الْأَدْوِيَةِ، وَالدُّعَاءُ إِذَا سَلِمَ مِنَ الْمَوَانِع مِنْ أَنْفَع الْأَسْبَابِ فِي دَفْعِ الْمَكْرُوهِ وَحُصُولِ الْمَطْلُوبِ، فَهُوَ مِنْ أَنْفَع الْأَدْوِيَةِ، وَخَاصَّةً مَعَ الْإِلْحَاحِ فِيهِ، وَهُوَ عَدُوُّ الْبَلَاءِ، يُدَافِعُهُ وَيُعَالِجُهُ، وَيَمْنَعُ نُزُولَهُ، أَوْ يُخَفِّفُهُ إِذَا نَزَلَ (٢) ، «الدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللهِ بِالدُّعَاءِ» (٣) «لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَاّ الدُّعَاءُ وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَاّ الْبِرُّ» (٤) وَلكِنْ هَا هُنَا أَمْرٌ يَنْبَغِي التَّفَطُّنُ لَهُ: وَهُوَ أَنَّ الْآَياتِ، وَالْأَذْكَارَ، وَالدَّعَواتِ، وَالتَّعَوُّذَاتِ الَّتِي يُسْتَشْفَى بِهَا وَيُرْقَى بِهَا هِيَ فِي نَفْسِهَا نَافِعَةٌ شَافِيَةٌ، وَلَكِنْ تَسْتَدْعِي قَبُولَ وَقُوَّةَ الْفَاعِلِ وَتَأْثِيرَهُ فَمَتَى تَخَلَّفَ الشِّفَاءُ كَانَ لِضَعْفِ تَأْثِيرِ الْفَاعِل، أَوْ لِعَدَم قَبُولِ الْمُنْفَعِل، أَوْ لِمَانِعٍ قَوِيٍّ فِيهِ يَمْنَعُ أَنْ يَنْجَعَ فِيهِ الدَّوَاءُ؛ فَإِنَّ الْعِلَاجَ بِالرُّقَي يَكُونُ بِأَمْرَيْن:

أَمْرٍ مِنْ جِهَةِ الْمَرِيضِ، وَأَمْرٍ مِنْ جِهَةِ الْمُعَالِجِ، فَالَّذِي مِنْ جِهَةِ الْمَرِيضِ يكُونُ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ وَصِدْقِ تَوَجُّهِهِ إِلَى الله تَعَالَى، وَاعْتِقَادِهِ الْجَازِم بِأْنَّ الْقُرْآنِ شِفَاءُ وَرَحْمَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالتَّعَوُّذِ الصَّحِيحِ الَّذِي قَدْ تَوَاطَأَ عَلَيْهِ الْقَلْبِ وَاللِّسَانُ؛ فَإِنَّ هَذَا نَوْعُ مُحَارَبةٍ، وَالمُحُارِبُ لَا يَتِمُّ لَهُ الاِنْتِصَارُ مِنْ عَدُوِّهِ إلِاَّ بِأَمْرَيْنِ:


(١) انظر: زاد المعاد (٤/ ١٧٨)، والجواب الكافي (ص ٢١).
(٢) انظر الجواب الكافي (ص ٢٢ - ٢٥).
(٣) تقدم برقم (٣٩٣).
(٤) تقدم برقم (٣٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>