- وأما الثاني: فإن رجاله ثقات، إلا أنه منقطع؛ قال أحمد: «لم يسمع خلاس من أبي هريرة شيئًا» [سؤالات الآجري (٣/ ٣٤٥ - ٣٤٦). جامع التحصيل (١٧٥). تحفة التحصيل (٩٦). التهذيب (٢/ ٥٩٦). الميزان (١/ ٦٥٨)]. وخلاس يدخل بينه وبين أبي هريرة: أبا رافع الصائغ [انظر: صحيح مسلم (٤٣٩). سنن أبي داود (٣٦١٦ و ٣٦١٨). سنن النسائي (١/ ١٧٧). سنن ابن ماجه (٩٩٨ و ٢٣٢٩ و ٢٣٤٦). صحيح ابن خزيمة (٣/ ٢٥/١٥٥٥). مستدرك الحاكم (١/ ٢٧٤). سنن الدارقطني (١/ ٦٥ و ٣٨٢ و ٤١٢) و (٤/ ٢١١) وغيرهما] وأما قول الذهبي في الميزان: «لكن روايته عن أبي هريرة في البخاري» فليس بشيء، فإن البخاري قد روى له مقرونًا بغيره في الإسناد ولا يعني هذا سماعه من أبي هريرة؛ لا سيما مع تصريح الإمام أحمد بعدم سماعه، ومع روايته عن أبي هريرة بواسطة أبي رافع الصائغ. - وأما الإسناد الثالث: فإنه إسناد صحيح متصل، على شرط البخاري قد أخرج به أحاديث في صحيحه. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرطهما جميعًا من حديث ابن سيرين ولم يخرجاه، وحث البخاري عن إسحاق عن روح عن عوف عن خلاس ومحمد عن أبي هريرة قصة موسى أنه رآه». - قلت: نعم أخرج البخاري هذا الحديث لكن بإسنادين هذا أحدهما، في موضعين (٣٤٠٤ و ٤٧٩٩) قال فيهما: حدثنا إسحاق بن إبراهيم: حدثنا روح بن عبادة: حدثنا عوف عن الحسن ومحمد وخلاس عن أبي هريرة به مرفوعًا. - وقد انتقد عليه هذا الإسناد، فقد روى ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (١/ ٢٣٦) من طريق علي بن المديني قال سمعت يحيى [يعني: القطان] يقول: «كان معي أطراف عوف عن الحسن عن النبي- صلى الله عليه وسلم-، وخلاس ومحمد عن أبي هريرة أن موسى عليه السلام كان رجلًا حييًا، فقال بنو إسرائيل: هو آدر. قال: فسألت عوفًا فترك محمدًا، وقال: خلاس مرسل» وقد أورد الدارقطني في العلل (٨/ ٢٩٩) الاختلاف على عوف في هذا الحديث وساق كلام يحيى بن سعيد القطان هذا ثم رجح المرسل به فقال: «والصحيح: عن الحسن مرسل». - إلا أن الحديث ثابت من طرقٍ أخرى، وقد أخرج الترمذي هذا الحديث من هذا الوجه (٣٢٢١) ثم قال: «هذا حديث حسن صحيح، وقد روي من غير وجهٍ عن أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه وسلم-. وَفِيهِ عن أنسٍ عن النبي- صلى الله عليه وسلم-». - وقد أخرج بعض هذه الأسانيد: البخاري (٢٧٨). ومسلم (٣٣٩). وابن حبان (١٤/ ٩٤/٦٢١١). وأحمد (٢/ ٣١٥). والبيهقي (١/ ١٩٨). وغيرهم. - إذن: نرجح ونقول بأن عوفًا قد يجمع بين الشيوخ فيهم إما في اللفظ وإما في الإسناد [انظر: الجرح والتعديل (١/ ١٤٧). شرح علل الترمذي (٢/ ٨١٦)].