للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد قيل كَمَا ذكر ابن رجب رحمه اللهُ تَعَالَى فِي معنى هَذَا الحديث: إن الله لَا يقبل من الأعمال إلا مَا كَانَ طيبًا طاهرًا من المفسدات كلها: كالرياء، والعجب، وَلَا من الأموال إلا مَا كَانَ طيبًا حلالًا؛ فَإِنْ الطيب توصف بِهِ الأعمال، والأقولا، والاعتقادات (١) والمراد بهذا أن الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطبات والاتبعاد عن الخبائث والمحرمات، ثُمَّ ذكر فِي آخ الحديث استبعاد قبول الدعاء مَعَ التوسع فِي المحرمات: أكلًا، وشربًا، ولبسًا، وتغذيةً. ولهذا كَانَ الصحابة والصالحون يحرصون أشد الحرص عَلَى أن يأكلوا من الحلال ويبتعدوا عن الحرام.

٤٠٥ - ٢ - فعن عائشة رضي الله عنها؛ قَالَت: كَانَ لأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يُخْرِجُ لَهُ الخْرَاجَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ (٢) ، فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ: أَتَدْرِي مَا هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:


= قال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث فضيل بن مرزوق».
- وقال الدارقطني في الأفراد: «صحيح غريب» [أطرافه (٥/ ٢٨٣)].
- وقد صححه مسلم كما ترى، وقد عيب على مسلم إخراجه لحديث فضيل بن مرزوق إذ ضعفه بعضهم، ويُعتذر عن مسلم فيه من وجهين:
- الأول: أن مسلمًا كان ينتقي من حديث هؤلاء [الذين هم من الطبقة الثانية] ما كان مستقيمًا.
- الثاني: أن فضيلًا إنما أُتى من قبل إكثاره في الرواية عن عطية العوفي فكثرت المناكير في حديثه، وعطية ضعيف. وهو هنا يروي عن ثقة- كما ترى-.
- وعلى هذا؛ فيحتمل توثيق من وثقه- كالثوري وابن عيينة والفسوي والعجلي وغيرهم- على روايته من غير عطية، وأما ما رواه عن عطية، فالبلاء في من عطية لا منه. والله أعلم. [انظر ترجمته: التهذيب (٦/ ٤٢٥). الميزان (٣/ ٣٦٢). علل الترمذي الكبير (ص ٣٩١)].
(١) جامع العلوم والحكم (١/ ٢٥٩).
(٢) أي يأتيه بما يكسبه والخراج ما يقرره السيد على عبده من مال يحضره له من كسبه. الفتح (٧/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>