للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن سينا: خصيته تنفع من نهش الهوام مجرب لريح أم الصبيان إذا سقي قدر حبة الجلبان، وجلده يتخذ منه جورب يلبسه المنقرس يزول عنه بإذن الله، والله الموفق.

(كوسج) صنف من السمك معروف، طولها مقدار ذراع لها أسنان كأسنان الناس، يضرب بها الحيوان يقطعه وأكثرها بقرب البصرة.

قال الجاحظ في جوف الكوسج: شحمة طيبة يسمونها الكبد، فإن اصطادوا هذه السمكة ليلا وجدوا هذه الشحمة وافرة، وإن اصطادوها نهارا لم يجدوا تلك، وقد مر ذكر كوسج في بحر فارس فلا نعيده.

(النظر الخامس: في كرة الأرض) الأرض جسم بسيط طباعه أن يكون باردا يابسا متحركا إلى الوسط، زعموا أن شكل الأرض كرة، والقدر الخارج من الماء جذبته؛ لأن القوم اعتبروا خسوفا واحدا فوجدوه في البلاد الشرقية والغربية مختلف الأوقات.

فلو كان طلوع القمر وغروبه في وقت واحد بالنسبة إلى الأماكن لما اختلف، وإنما خلقت باردة يابسة للغلظ والتماسك (١)؛ إذ لولا ذلك لما أمكن قرار الحيوان على ظهرها وجذوب المعادن والنبات في بطنها، وهي مركز الأفلاك واقفة في الوسط بإذن الله تعالى.


(١) فكر في خلق هذه الأرض على ما هي عليه حين خلقت راتبة راكدة؛ لتكون وطاء ومستقرّا للأشياء، ويتمكن الناس والأنعام من السعي عليها في مآربهم والجلوس لراحتهم والنوم لهدوئهم والإتقان لأعمالهم، فإنها لو كانت رجراجة منكفئة لم يكونوا يستطيعمون أن يتقنوا البناء والنجارة والحدادة والصياغة والحياكة، بل كانوا لا يتهنون بالعيش، والأرض ترتج من تحتهم واعتبر ذلك بما يصيب الناس من الزلازل على قلة مكثها حتى يصيروا إلى ترك منازلهم والهرب عنها، ومن التدبير الحكيم أن ترابها ليس يبسا كالحجارة؛ لتصلح للزرع والنبات والحرث وغيرها،
قال تعالى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً * وَالْجِبالَ أَوْتاداً * وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً﴾ وقال تعالى أيضا: ﴿أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ *﴾ ﴿وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ *﴾ ﴿وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ﴾.
ومن التدبير الحكيم في خلقه الأرض أن مهب الشمال أرفع من مهب الجنوب، وما كان ذلك إلا لتنحدر المياه على وجه الأرض؛ فتسقيها وترويها، ثم تفيض إلى البحر آخر ذلك، فكلما يرفع أحد جانبي السطح ويخفض الآخر؛ لينحدر الماء عنه، ولا يقوم عليه فيفسد كذلك جعل مهب الشمال أرفع من مهب الجنوب، ولولا ذلك لبقي الماء متحيزا على وجه الأرض فمنع الناس من أعمالهم وقطع الطرق والمسالك. انظر: الدلائل والاعتبار (١٥).

<<  <   >  >>