للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(نهر الرأس) بأذربيجان شديد جرى الماء وبأرضه حجارة بعضها ظاهرة وبعضها مغطاة بالماء، ولهذا ليس للسفن فيه مجرى، وله أجراف هائلة ذات حجارة عظيمة لا مشارع لها.

زعموا أنه من عبر نهر الرأس بدجلة إذا مسح برجليه ظهر امرأة عسرت ولادتها تضع في الحال، وكان بقزوين شيخ تركماني اسمه الخليل كان يفعل ذلك.

وزعموا أيضا أن نهر الرأس مسامح بالغرقى كثيرا ما ينجو غريقه، ومن العجيب ما ذكر ديسم بن إبراهيم صاحب أذربيجان قال: كنت أجتاز على قنطرة الرأس بعسكري فإذا صرت في وسط القنطرة رأيت امرأة ومعها طفل في قماطة فصدمتها دابة فرمتها فسقط الطفل من يديها في النهر فوصل إلى الماء بعد زمان لبعد ما بين القنطرة وسطح الماء ثم غاص وطغى الماء يجري به وسلم من الحجارة التي في النهر وللعقبان (١) أوكار على أجراف النهر فرآه عقاب فانقض عليه فرفعه وخرج به إلى الصحراء؛ فأمرت جماعة بالركض في أثر العقاب؛ فإذا العقاب قد وقع على الأرض واشتغل بخرق القماط؛ فأدركه القوم وصاحوا به وركضوا نحوه؛ فطار وترك الطفل فوجدوه سالما يبكي فردوه إلى أمه.

(نهر بين الموصل وأربل) يبتدئ من أذربيجان وينصب في دجلة يقال له: الزاب المجنون؛ لشدة جريانه ولقد شربت من مائة وقت القيظ عند الظهيرة وكان باردا، وذلك لشدة جريه، فإن الشمس لا تؤثر فيه حتى يسخن ماؤه.

(نهر زرير، ونهر أصفهان) موصوف باللطافة والعذوبة يغسل فيه الثوب الخشن يصير لينا مثل الحرير، مخرجه من قرية يقال لها: بياكان، ويعظم بانضمام المياه إليه عند أصفهان ويسقى بساتينها ورساتيقها (٢) ثم يغور في رمل هناك ويخرج بكرمان ثم ينصب في بحر الهند.

ذكر بعضهم أنهم أخذوا قصبة وعملوها وأرسلوها في موضع فخرجت بكرمان.


(١) العقاب: طائر من كواسر الطير قوي المخالب مسرول له منقار قصير أعقف حاد البصر وفي المثل (أبصر من عقاب) الجمع منها عقبان.
انظر: لسان العرب مادة (عقب).
(٢) رساتيقها: أي قراها ومدنها، والرستاق: الموضع فهي زرع وقرى أو بيوت مجتمعة.
انظر: مختار الصحاح مادة (رستق).

<<  <   >  >>