للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(أما القسم الأول) فنقول: إذا احتبست مياه الأمطار والأنداء في المعادن والكهوف والأهوية لا يخالطها شيء من الأجزاء الأرضية، وأثرت فيها حرارة المعدن وطال وقوفها هناك ازدادت المياه صفاء وثقلا وغلظا فينعقد منها الأحجار الصلبة التي لا تتأثر من النار والماء؛ كأنواع اليواقيت، وما شاكلها فذهب قوم إلى أن اختلاف ألوانها؛ بسبب حرارة المعدن وقلتها وكثرتها، وقال آخرون: بسبب أنواع الكواكب التي تدل على ذلك النوع من الجواهر ومطارح شعاعاتها على تلك البلاد فزعموا أن السواد لزحل، والخضرة للمشتري، والحمرة للمريخ، والصفرة للشمس، والزرقة للزهرة، والمتلون لعطارد، والبياض للقمر، والله والموفق للصواب.

(وأما القسم الثاني) فيتولد من امتزاج الماء بالأرض إذا كان فيها لزوجة وأثرت فيها حرارة الشمس مدة طويلة كما ترى النار إذا أثرت في اللبن فتصلبها وتجعلها آجرا؛ فإن الآجر أيضا صنف من الحجر إلاّ أنه رخو، وكلما كان تأثير النار أكثر كان أصلب.

ثم إن هذه الأحجار تختلف باختلاف بقاعها، فإن كانت في بقاع ترابية وطين انعقد حجرا مطلقا، وإن كانت في بقاع سبخة تولد منها أنواع الأملاح والبوارق والشبوب، وإن كان في بقاع عفصية تولدت منها ضروب الزاجات: الأحمر، والأصفر، والأخضر، ونحوها، ولكل موضع خاصية لا يعلمها إلاّ الله تعالى، وقد ينعقد الحجر من الماء فإنا نرى في بعض المواضع ينعقد الحجر من الماء وذلك إما من خاصية ذلك الماء، أو من خاصية ذلك الموضع، وقد يتولد الحجر في الهواء وذلك من أجزاء دخانية يغلب عليها الأرضية فإذا ضربها البرد انطفت حرارتها وتصير حجرا وقد يقع في وسط الصواعق مثل: هذه الأحجار، ومثل الحديد والنحاس، قال الشيخ الرئيس: أخذت من هذه الأجسام وعرضتها على النار؛ لتذوب فما حصل منه الذوبان وارتفع منه دخان يضرب إلى الخضرة، ومازال هكذا حتى صار رمادا.

(وحكى) الشيخ الرئيس أيضا: أن في زمانه وقع من الهواء بأرض جورجابان جسم كقطعة حديد في قدر خمسين منا كحبات الجاورس المنضمة فما كان يتناثر من الحديد، والجواهر المعدنية كثيرة لا يعرف الإنسان منها إلاّ القليل، فمن الحكماء من كان له بها عناية بحث عنها، واستخرج خاصية بعضها فأوردنا طرفا منها وما فيها من الخواص العجيبة ومعادنها وكيفية جلبها، فأقول وبالله التوفيق وهو حسبي ونعم الوكيل.

(إثمد) قال أرسطو: هو حجر معروف له معادن كثيرة، وأغلبها في أكناف المشرق، وأجود أصنافه الأصفهاني، وهو حجر يخالطه الرصاص ينفع العيون اكتحالا، ويرفع عنها طبق الماء

<<  <   >  >>