للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنفت وما سكنت فلما استأنست … ألفت مجاورة الخراب البلقع (١)

وأظنها نسيت عهودا بالحمى … ومنازلا بعراقها لم تقنع

حتى إذا اتصلت بهاء هبوطها … من ميم مركزها بذات الأجرع

علقت بها هاء الثقيل فأصبحت … بين المعالم والطلول الخضع

تبكي إذا ذكرت عهودا بالحمى … بمدامع تهمى ولما تقطع

إذ عاقها شرك الكثيف وصدها … قفص عن الأوج الفسيح المربع

وتظل ساجمة (٢) على الدمن (٣) التي … درست بتكرار الرياح الأربع

حتى إذا قرب المسير إلى الحمى … ودنا الرحيل إلى الفضاء الأوسع

وغدت مفارقة لكل مخلف … عنها حليف الدرب غير مشيع

سمعت وقد كشف الغطاء فأبصرت … ما ليس يدرك بالعيون الهجع

وغدت تغرد فوق ذروة شاهق … والعلم يرفع كل من لم يرفع

فلأي شيء أهبطت من شاهق … سام إلى قرع الحضيض الأوضع

إن كان أهبطها الإله لحكمة … طويت عن البعد اللبيب الأروع

فهبوطها إن كان ضربة لازب (٤) … لتكون سامعة بما لم تسمع

وتكون عالمة بكل حقيقة … في العالمين وخرقها لم يرفع

وهي التي قطع الزمان طريقها … حتى لقد غربت بغير المطلع

فكأنها برق تألق بالحمى … ثم انطوى فكأنه لم يطلع

زعموا أن هذه النفوس في هذا العالم الجسماني وما قد ابتلى به من آفات هذا البدن كرجل


(١) البلقع: الخالي من كل شيء.
(٢) ساجمة: أي: باكية ودامعة.
(٣) الدمن: ما تبقى من آثار الديار جمع (دمنة).
(٤) لازب: أي: ثابت متمكن.

<<  <   >  >>