ارجع حميدا فقد بلغت حاجتنا … بوركت من ذي سلام رائح غادي
فأجابه بقوله:
أنا الشجاع الذي أرويتني ظمأ … في ضحضح خصب عن أهله صادى
وجدت الماء لما عز مطلبه … نصف النهار على الرمضاء في الوادي
هذا جزاؤك منا لا تمن به … لك الجميل علينا إنك البادي
الخير يبقى وإن طال الزمان به … والشر أخبث ما أوعيت من زاد
قال جرير بن عبد الله البجلي ﵁: وفدت إلى رسول الله ﷺ فأمسيت بواد وحدي فإذا شخص واقف علي فقال لي: انطلق قلت وأنا آمن؟ قال: نعم، فذهبت معه إلى جميع شيب وشبان فقالوا: إنسي؟ قال: إنسي، قالوا: أنشدنا فأنشدتهم:
ودع هريرة إن الركب مرتحل (١)
فضحكوا وقالوا: شعر سجل، ادعه يا غلام فأقبل شخص كأنه رمح ورأسه مثل قلة، فقالوا: هذا إنسي أنشدنا من شعرك قال جرير: فحدثتهم إلى الصبح وعلموني دواء لا أحد يعرفه إلى اليوم فلما قدمت إلى رسول الله ﷺ وأخبرته به قال حدث الناس به.
وقد جرى ذكر الجن في مجلس عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقال رجل من بني الحارث: خرجت عاشرة عشرة أريد الشام فتأخرت عن أصحابي حتى اختلط الظلام، فرفعت لي نار فقصدتها، فإذا بخيمة أمامها جارية جميلة فقلت لها ما تصنعين في هذا المكان؟ فقالت: أنا جارية من فزارة اختطفني عفريت وهو يغيب عني بالليل ويأتيني بالنهار، قلت لها: امضي معي، فقالت: إني أخاف على نفسي الهلاك فألححت عليها فأركبتها ناقتي وجعلت أمشي فسرنا حتى طلع القمر فالتفت، فإذا ظليم عظيم عليه راكب، فقالت: ها هو قد أتى فما تريد أصنع فنزلت، وأنخت راحلتي وخططت حولها وقرأت آية من القرآن وتعوذت بالله فتقدم إليّ وأنشد يقول:
يا ذا الذي للحين يدعوه القدر … خل عن الحسناء رسلا ثم سر