للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطبيب القرحة وسأل عنها فقال: عليّ بالخنفساء، فضحك الحاضرون من قوله، فتذكر العليل القول الذي سبق منه فقال: هاتوا ما طلب فإن الرجل على بصيرة فأحرقها وذر رمادها على القرحة فبرأت بإذن الله تعالى، فقال للحاضرين: إن الله أراد أن يعرفني أن أخس الأشياء أعز الأدوية.

(دودة القز) دويبة إذا شبعت من الرعي طلبت مواضعها من الأشجار والشوك ومدت من لعابها خيوطا رقاقا ونسجت على نفسها كنا مثل الكيس؛ ليكون حرزا لها من الحر والبرد والرياح والأمطار ونامت إلى وقت معلوم، كل ذلك بإلهام من الله تعالى.

وأما كيفية اقتنائها فمن عجائب الدنيا وهي أنهم أول الربيع يأخذون البزر ويشدونها في خرقة، وتجعل تحت ثدي امرأة ليصل إليها حرارة البدن إلى أسبوع، ثم ينثر على شيء من ورق التوت المقصوص بالمقراض فتتحرك الدودة وتأكل من ذلك الورق، ثم لا تأكل ثلاثة أيام، ويقال: إنها في النوبة الأولى، ثم ترجع إلى الأكل فتأكل أسبوعا، ثم تترك الأكل ثلاثة أيام، ويقال: إنها في النوبة الثانية هكذا في المرة الأخرى، ويقال: إنها في النوبة الثالثة وبعد النوبات يطلق لها العلف لتأكل أكلا كثيرا وتسرع في عمل الفيلجة، فيظهر عند ذلك على جسمها مثل نسج العنكبوت ويزداد شيئا فشيئا، فإذا مطر في هذا الوقت مطر تلين الفيلجة من رطوبة النداوة، ويثقبها الدود، ويخرج منها وقد نبت لها جناحان، فتطير ولا يحصل شيء من الإبريسم (١)، وإذا فرغت الدودة من عمل الفيلجة، عرضت على الشمس؛ لتموت الدودة فيها ويحصل من الفيلجة الإبريسم، ويترك بعض الفيلجة ليثقبها الدود ويخرج ويبيضو وبيضها يحفظ للسنة الآتية في ظرف نقي من الخرقة أو الزجاج، والثياب الإبريسمية تنفع من الحكة والجربو ولا يتولد القمل لمن يلبسها، والله الموفق.

(ديك الجن) دويبة توجد في البساتين. قال بليناس: يلقى في خمر عتيق حتى يموت، ويترك في فخارة ويشد رأسها، ويدفن في وسط الدار، فإنه لا يرى فيها شيء من الأرضة أصلا، والله الموفق للصواب.

(ذباب) هي أصناف كثيرة تتولد من العفونة، لم يخلق لها أجفان لصغر حدقتها. ومن شأن الأجفان، تصقيل الحدقة من الغبار فخلق لها يدان يقومان مقام الأجفان، فلهذا ترى الذباب على


(١) الإبريسم: أي: الحرير.

<<  <   >  >>