للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدوام يمسح بيديه حدقتيه وله خرطوم يخرجها إذا أراد مص الدم، ويدخلها إذا وري ولها بطن، وفيها يجري الصوت كما يجري في العصب من النفخ، ولا يقدر على المشي إذ ليس له مفصل، وخلق رءوس أرجلها خشنة؛ لئلا تنزلق إذا وقعت على الأشياء الملسة، والذباب يصيد البق فلذلك لا يرى البق إلاّ في الليل عند سكون الذباب.

قال الجاحظ: لولا أن الذباب يأكل البق ويطلبها في زوايا البيت، لما كان لأهلها فيها قرار وإذا أصاب الحيوان جراحة، وسقط عليها الذباب فيفضي إلى هلاكها إن لم يكن في موضع يصل إليه فم الحيوان؛ لأن الذباب إذا وقع على الجراحة ونم عليها يتولد من ونيمها الدود، والجراحة إذا تولد فيها الدود أهلكت، وونيم الذباب على الأبيض أسود وعلى الأسود أبيض، وونيمه ذو لونين كزرق العصفور فيظهر على كل لون ما يخالفه قالوا: تؤخذ ذبابة ويفصل رأسها عن بدنها ويدلك بها لسع الزنبور يسكن وجعه ويحرق الذباب ويسحق ويخلط بعسل ويطلى به داء الثعلب، ينبت الشعر ويجفف الذباب ويسحق مع الكحل ويكتحل به ينفع من وجع العين، ويزيد في الضوء وينبت شعر الأهداب، والذباب يشوى ويؤكل يفتت حصاة المثانة، وقال : «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء» (١) ويدق الذباب في اللبن ويطلى به لدغ العقرب يزول وجعه.

ومنها صنف يقال له: ذباب الحمر، كبير جدّا لا يقع إلاّ على الحمير، وصنف أخر يقال له:

ذباب الكلاب لا يقع إلاّ على الكلاب، وصنف آخر يقال له: ذباب الأسد لا يقع إلاّ على الأسد، وإذا رأت بالأسد دما أو خدشا لا تنقلع عنه حتى تهلكه كما ذكرنا في الذر مع الحية فإنه يهلكها.

(الدرحرج) هي دويبة مبرقشة بحمرة وسواد يقال: إنها سم، من أكلها تقرحت مثانته ويسد بوله، ويظلم بصره، ويتورم القضيب والعانة وويعرض مع ذلك اختلاط في العقل. قال ابن سينا: من سقي منها يجد في فمه رائحة القطران والزفت.

والدراريج تموت من الرائحة الطيبة والتي هي شديدة الحمرة، تشد على صاحب حمى الربع ثلاث مرات يوم النوبة، تزول حماه، والتي يوجد منها في المقبرة يطلى بها الكلف تزيله،


(١) حديث صحيح رواه البخاري في صحيحه.
وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

<<  <   >  >>