ومنها صنف يقال له: ذات النطاق وهي فأرة مشهورة منطّقة ببياض أعلاها أسود شبهوها بالمرأة ذات النطاق، وهي التي تلبس قميصين ملونين وتشد وسطها ثم ترسل الأعلى على الأسفل.
ومنها صنف يسمى: فأرة البيش قال بعضهم: إنها دويبة تشبه الفأر وليست تسكن إلا منابت البيش تأكل منه وتتغذى به، والبيش: سم قاتل منه شيء يسير وهو حشيش ينبت بأرض الهند.
ومنها صنف يقال له: اليربوع وهو الفأر البري صاحب القاصعاء والنافقاء يحفر جحرا فيه عطفات كثيرة، ويحفرها إلى أسفل مستقيمة ثم يذهب يمينا وشمالا وصعودا ونزولا ويخفي مكانه فيه بسبب اعوجاجه وعطفاته فإذا قصده شيء من أعدائه كابن عرس، أو ضب، أو ظربان لا يظفر به؛ لأنه متى أحس بالشر من جهة ذهب إلى خلاف تلك الجهة، ولجحره أبواب، ولليرابيع رئيس إذا أرادت اليرابيع الخروج من أجحرتها خرج الرئيس أولا ونظر فإن لم ير عدوّا رفع صوته؛ ليخرج الآخرون، وإن رأى عدوّا رجع إلى جحره ومنعها من الخروج، وإذا خرج يصعد موضعا عاليا كالديوان، واليرابيع تسعى يمينا وشمالا تطلب القوت فما وقع بيده من الحب وغيره يأتي بنصيب منها للرئيس، وإذا رأى الرئيس عدوّا رفع صوته حتى يرجع كل واحد بيته فإن غفل الرئيس عن العدو حتى أتاه العدو بغتة وأخذ من اليرابيع شيئا هربت البقية وعادت إلى أماكنها سالمة، ثم اجتمعت على عزل رئيسها وإهلاكه ونصّبت رئيسا غيره.
ومنها صنف يقال له: سمندل يشبه الفأر وليس بفأر يوجد ببلاد غور تدخل النار ولا تحترق ثم تخرج من النار وقد ذهب وسخها، وصفا لونها وزاد بريقها ولا يتأذى شعرها ولا جلدها ولا لحمها من النار، فسبحان من لا يعرف دقائق حكمته ولطائف صنعه إلا هو، والملوك يتخذون من جلودها منديل الغمر؛ لأنه في غاية النعومة يمسحون به أيديهم فإذا توسخ يلقونه في النار؛ ليذهب وسخه ويخرج نظيفا.
وذكروا أن من أخذ جرذا (١) وقطع ذنبه وأخصاه، ثم أطلقه يأكل الجرذان والفيران أكلا ذريعا لا يغلبه شيء حتى الهرة وابن عرس، وتحدث فيه شجاعة وجراءة وإقدام.
وأصحاب الأنابير والبيادر عرفوا ذلك فيأخذونه ويقطعون ذنبه، ويسيبونه فلا يترك جرذا ولا فأرا، ومن شق فأرة وجعلها على موضع النصل أو الشوك يخرجه، وتحرق الفأرة وتسحق وتخلط بالدهن، ويطلى به الموضع الصلع ينبت الشعر.