للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتجعلها على ظهر أخرى وتلف عليها ذنبها وتحفظها بالذنب وتمشي بها إلى بيتها، ومنها أن إحداها إذا وقعت في ظرف فيه ماء لا تقدر على الخروج منه فتأتي الأخرى وتمسك بيدها طرف الإناء وترسل ذنبها إليها حتى تتعلق بها وتخرج، ولم تر قتالا بين بهيمتين ولا سبعين أشد مما يجري بين جرذين إذا ربط أحدهما في طرف خيط والآخر في الطرف الآخر فعند ذلك يظهر لهما الخدش واللغط فإذا انحل الخيط ولّى كل واحد منهما عن صاحبه.

ومنها صنف يقال له: العربي يحب الدراهم والدنانير، ويلعب بها، وكثيرا ما يخرجها واحدا واحدا، وتمرّغ عليها ويعيدها واحدا واحدا.

(وحكى) بعضهم: أنه كان في بيته فأرة لقي منها التباريح، قال: فنصبت لها مصيدة فوقعت فيها فانتظرت سنورا يصطادها فاستبطأ زوجها رجوعها فخرج خلفها في طلبها فرآها في المصيدة فعاد وأتى بدينار وتركه عند المصيدة، ثم تأخر وانتظر ساعة ثم ذهب وأتى بآخر وتأخر وهكذا كلما أتى بدينار لبث زمانا يطمع أني آخذ الدنانير وأخلصها له فلما رآني لم أخلصها أتى بآخر حتى أتى في المرة الأخيرة بخرقة، فعلمت أنه أخرج جمع ما كان عنده من الدنانير فخلصتها، وأخذت الدنانير.

ومنها نوع يقال له: اليربوع وهو الفأر البري صاحب النافقاء والقاصعاء يحفر جحرا ذا عطفات كثيرة يمينا وصعودا ونزولا تخفى مكانها فإن دخل عليها ابن عرس، أو نصب، أو ظربان لا يظفر بها؛ لكثرة عطفاتها واعوجاجها، وبجحرها أبواب كثيرة، ولليرابيع رئيس يخرج من البيت أولا ويرى الفضاء فإن لم يكن عدو صاح حتى يخرج الفأر كلها، وإن رأى عدوّا عاد وأخبر الباقين حتى لا يخرج شيء منها، وإن لم يكن عدو خرج الرئيس وصعد موضعا عاليا كالديوان والفأر تخرج بعده وتذهب يمينا وشمالا تطلب القوت فما حصل لها تأتي منه بنصيب للرئيس، وإذا رأى الرئيس عدوّا صاح برفع صوته حتى يرجع الفأر إلى بيوتها، فإن غفل الرئيس حتى أتى العدو وأخذ منها شيئا بغتة اجتمعت الفأر كلها على الرئيس وأكلته.

ومنها صنف يقال له: الخلد خلقه الله تعالى أكمه يكون في البراري، حاسة سمعها شديدة إذا أحست بشيء عادت إلى بيتها، وذكروا أن الخلد الأنثى إذا حبلت يموت الذكر، وإذا أرادوا صيده تركوا على باب بيتها شيئا من البصل فإنها تخرج لرائحته فيأخذها الصياد.

ومنها صنف يقال له: الفأرة المسك توجد في أرض تبت في موضع يقال له: الدفر، سرة هذه الفأرة مسك كما للغزلان؛ فالصياد إذا صادها يشد صرتها حتى يجتمع فيها الدم، وذلك خير من مسك الغزال حتى قالوا: يساوي عشرة من أمثالها؛ لما فيها من طيب الرائحة وحدتها.

<<  <   >  >>