المستقبلة، وما كان في هذه الثلاثة عشر يوما من مطر أو ريح أو حر أو برد فهو من نتوء ذلك النجم الساقط عند الحكماء، ولهم أقوال طويلة في أحكام نزول النيرين. فأول هذه المنازل:
(الشرطين) يقال لهما: قرنا الحمل، ويسميان الناطح وبينهما في رأي العين قاب قوسين، وإذا حلت الشمس بها اعتدل الزمان واستوى الليل والنهار، وطلوعهما لست عشرة ليلة تخلو من نسيان، وسقوطهما لثماني عشرة ليلة تخلو من تشرين الأول، وحلول الشمس بهما لعشرين ليلة تخلو من أدار، وكلما نزلت الشمس الشرطين فقد مضت سنة، وإنما سميا شرطين؛ لأنهما علامة دخول أول السنة وفي نوء الشرطين يطيب الرمان وتكثر المياه وتنعقد الثمار ويحصد الشعير ورقيب الشرطين الغفر.
(البطين) يقال له: بطن الحمل وهي ثلاثة كواكب خفية كأنها أثافي، وهذه صورتها، وهو بين الشرطين والثرياء وطلوعه لليلة تبقى من نيسان، وسقوطه لليلة تبقى من تشرين الأول، وعند سقوطه يرتج البحر فلا تجري فيه جارية، ويذهب الحداء والرخم والخطاطيف إلى الغور، ويستكن النمل، وتقول العرب: إذا طلع البطين فقد اقتضى الدين، وحكى ابن الأعرابي أنهم يقولون: ما أوتي البطين والدبران أو أحدهما، وكان لنوئه مطر إلا كاد أن يكون ذلك العام جديبا، وقالوا: إنه أشر الأنواء وأقلها مطرا وفي نوئه يجف العشب، ويتم حصاد الشعير، ويأتي أول حصاد الحنطة، ورقيب البطين الزبانا.
(الثريا) ويقال له: النجم وهو أشهر هذه المنازل وهي ستة أنجم وهي هذه:
وفي خلالها نجوم كثيرة خفية، والعرب تقول: إن طلع النجم غدية ابتغى الراعي كسية، وطلوعها لثلاث عشرة ليلة تخلو من أيار، وسقوطها لثلاث عشرة ليلة تخلو من تشرين الآخر، والثريا تظهر في المشرق عند ابتداء البرد ثم ترتفع في كل ليلة حتى تتوسط مع غروب الشمس، وفي ذلك الوقت أشد ما يكون البرد، ثم تنحدر عن وسط السماء؛ فتكون في كل ليلة أقرب من أفق المغرب إلى أن يهل الهلال معها، ثم تمكث يسيرا وتغيب نيفا وخمسين ليلة، وهذا المغيب هو استسرارها ثم تبدو بالغداة من المشرق في قوة بالحر، وقال النبي ﷺ:«إذا طلع النجم لم يبق من العاهة شيء» أراد عاهات الثمار؛ لأنها تطلع بها بالحجاز وقد أزهر البسر.
وأما نوؤها فمحمود، وهو خير نجوم الوسمي؛ لأن مطره في الوقت الذي فقدت الأرض فيه الماء، فإذا طلعت الثريا ارتج البحر واختلفت الرياح وسلط الله الجن على المياه، وقال ﷺ:«من ركب البحر بعد طلوع الثريا فقد برئت منه الذمة»، وفي نوء الثريا تتحرك