للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول: «يا رب جبريل وميكائيل وإسرافيل» (١) أما جبريل وميكائيل فسمعت بهما في القرآن، وأما إسرافيل (٢) فأخبرني عنه فقال كعب: إنه ملك عظيم الشأن له أربعة أجنحة؛ أحدهما: سد المشرق، والآخر: سد به المغرب، والثالث: ينزل به من السماء إلى الأرض، والرابع: التثم به من عظمة الله تعالى، قدماه تحت الأرض السابعة، ورأسه ينتهي إلى أركان قوائم العرش، وبين عينيه لوح من جوهر، فإذا أراد الله ﷿ أن يحدث أمرا في عباده أمر القلم أن يخط في اللوح، ثم أدنى اللوح إلى إسرافيل فيكون بين عينيه، ثم هو ينتهي إلى ميكائيل صلوات الله عليهم فهم له أعوان في جميع العالم حتى على الأركان والمولدات، ينفخون أرواحها فيها فيصير معدنا ونباتا وحيوانا، وهي القوى التي بها صلاحها وحياتها، فسبحان الخالق البارئ المصور.

ومنهم: جبريل الأمين ، وهو أمين الوحي وخازن القدس، ويقال له: الروح (٣) الأمين وروح القدس والناموس الأكبر وطاوس الملائكة، جاء في الخبر: إن الله تعالى إذا تكلم بالوحي سمع أهل السماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا فيصعقون ولا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل ، فإذا جاءهم فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق فينادون الحق بالحق.

وجاء في الخبر أيضا أن النبي قال لجبريل : «إني أحب أن أراك على صورتك التي صورك الله فيها» فقال: إنك لا تطيق ذلك، فقال :

«أرني» فواعده جبريل بالبقيع (٤) في ليلة مقمرة فأتاه فنظر إليه النبي فإذا هو قد سد الآفاق؛ فوقع مغشيّا عليه، فلما أفاق عاد جبريل إلى صورته الأولى؛ فقال : «ما ظننت أن أحدا من خلق الله تعالى هكذا» فقال له جبريل :

كيف لو رأيت إسرافيل، وإن العرش على كاهله، وإن رجليه قد مرقتا تحت تخوم الأرض السفلى، وإنه ليتصاغر من عظمة الله تعالى حتى يصير كالوصع (والوصع العصفور الصغير).


(١) حديث صحيح، رواه مسلم.
(٢) إسرافيل: الملك الموكل بالنفخ في الصور، انظر: عالم الملائكة الأبرار للأشقر.
(٣) قال تعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ [القدر: ٤] والروح هو جبريل خصه بالذكر تشريفا وتكريما له.
(٤) البقيع: منطقة خالية قريبة من المدينة، كان المسلمون يدفنون بها موتاهم.

<<  <   >  >>