فبالملائكة صلاح العالم وكمال الموجودات بتقدير العزيز العليم، ولنذكر بعض من أخبر بهم صاحب الشريعة صلوات الله عليه وسلامه وهم الملائكة المقربون عليه وعليهم السلام، فمنهم:
حملة العرش صلوات الله عليهم، وهم أعز الملائكة وأكرمهم على الله تعالى، تتقرب إليهم سائر الملائكة، ويسلمون عليهم بالغدو والرواح؛ لمكانتهم عند الله تعالى، وهم يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا، فمنهم من هو على صورة النسر، ومنهم من هو على صورة البشر.
قال ابن عباس ﵄: خلق الله حملة العرش وهم اليوم أربعة فإذا كان يوم القيمة أمدهم الله تعالى بأربعة أخرى، فذلك قوله تعالى: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ﴾ [الحاقة:
١٧] وهو عظيم لا يوصف، فمنهم - كما تقدم - من هو على صورة ابن آدم، يشفع لبني آدم في أرزاقهم، ومنهم من هو على صورة الثور، يشفع للبهائم في أرزاقها، ومنهم من هو على صورة النسر، يشفع للطيور في أرزاقها، ومنهم من هو على صورة الأسد، يشفع للسباع في أرزاقها.
ومنهم: الروح الأمين ﵇، وهو ملك يقوم صفّا والملائكة كلهم صفّا؛ لكرامته عند الله تعالى وعظمته، وإنما سمي روحا؛ لأن كل نفس من أنفاسه يصير روحا لحيوان، وقد وكله الله تعالى بإدارة الأفلاك وحركات الكواكب وبما تحت فلك القمر من العناصر والمولدات من المعادن والنباتات والحيوانات، وهو أكبر من الفلك وأقوى منه وأعظم وأشرف وأعلى من الجسمانيات، وهو قادر على تسكين الأفلاك، كما هو قادر على تحريكها بإذن الله تعالى.
ومنهم: إسرافيل ﵇، وهو مبلغ الأوامر ونافخ الأرواح في الأجساد، قال رسول الله ﷺ:«كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وأصغى بالإذن حتى يؤمر فينفخ»(١).
قال مقاتل: القرن الصور، وذلك أن إسرافيل ﵇ واضع فاه على القرن وهو كهيئة البوق ودائرة رأس البوق كعرض السموات والأرض، وهو شاخص ببصره نحو العرش ينظر متى يؤمر فينفخ، فإذا نفخ صعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله تعالى.
قالت السيدة عائشة ﵂: قلت لكعب الأحبار ﵁: سمعت رسول الله