طرف الناظر حادة والأخرى منفرجة، فلو فرضنا خطّا خارجا من النقطة المشتركة بين هذين الخطين مخالفا لجهة الناظر وكون وضعه من هذا الجسم الصقيل كوضع خط الناظر، فكل جسم كثيف وقع في طريق هذا الخط يراه الناظر، وتسمى هذه الرؤية انعكاس البصر، كما إذا رأى الإنسان في المرآة من كان خلفه أو على جانبيه أو كان فوقه أو تحته إذا كان بهذه الشرائط، والله الموفق.
(المقدمة الثانية) إن المرآة الصغيرة لا يرى فيها شكل الأشياء كما هي، بل يرى منها لونها كالشكل المربع والمثلث وأمثالهما، فإن شكلها لا يرى في المرآة الصغيرة بل يرى لونها كأحمر وأسود.
(المقدمة الثالثة) إن المرآة إذا كانت ملونة لا يرى فيها لون الأشياء كما هي، بل فيها مشوبة بلون المرآة كالكافور في الشيء الأخضر، فإنه يرى أبيض مشوبا بلون الخضرة، وهكذا سائر الألوان.
(المقدمة الرابعة) إن ما يرى في المرآة لا حقيقة له في المرآة؛ لأنه لو كان له في المرآة حقيقة لكان الناظر إذا انتقل إلى مكان آخر رأى ذلك الشيء فيه على وضعه، وليس كذلك؛ لأنا نرى شجرة في المرآة ثم إذا انتقلنا إلى جانب آخر نرى الشجرة في جانب غير ذلك الجانب، وما كان حقيقيّا لا يتغير مكانه بسبب تغير مكان الناظر إليه، فثبت أن ما يرى في المرآة لا حقيقة له، بل هو من باب الخيال.
ومعنى الخيال في هذا المقام أن ترى صورة الشيء مع صورة غيره بتوهم أن إحداهما داخلة في الأخرى، ولا يكون في الحقيقة كذلك، بل إحداهما ترى بواسطة الأخرى من غير ثبوتها فيها، فإذا نظر الناظر في المرآة فكل جسم تكون نسبته إلى المرآة كنسبة الناظر على ما بيناه في انعكاس شعاع البصر يصير مرئيّا، إذا عرفت هذه المقدمات فنقول: وبالله التوفيق.
(أما الهالة) فتحدث من أجزاء ثقيلة صغيرة حدثت في الجو، وأحاطت بغيم رقيق لطيف لا يستر ماوراءه، وانعكس من الأجزاء الثقيلة شعاع البصر إلى القمر؛ لأن ضوء البصر وغيره إذا وقع على الصقيل ينعكس إلى الجسم الذي يكون وضعه من ذلك الصقيل كوضع المضيء منه، إذا كانت جهته مخالفة لجهة المضيء، فيرى ضوء القمر، ولا يرى شكله؛ لأن المرآة إذا كانت صغيرة لا يرى شكل المرئي فيها، بل ضوؤه، فيؤدي كل واحد من تلك الأجزاء ضوءه، فيؤدي كل واحد من تلك الأجزاء ضوء القمر، فترى دائرة مضيئة وهي الهالة.