للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاتجاه الاتباعيّ للغرب، وهو مؤسس كبير من مؤسسي الحداثة في البلاد العربية فإنا نجده كما قال عنه الحداثي الآخر محمد جمال باروت (ينظر الخال إلى "الحداثة" عبر "الغرب اللبراليّ" إذ يحضر الغرب في هذه النظر بوصفه عالميًا كونيًا شاملًا، ويعود ذلك بالنسبة للخال إلى أن "الغرب" نتاج العقل الذي يتميز بكونية وشمولية قوانينه. . .) (١).

ثم ينقل باروت نصًا ليوسف الخال يؤكد هذه النظرة الارتمائية وفيه يقول: (الحضارة الغربية هي حضارتنا نحن بقدر ما هي حضارة الفرنسيّ والألمانيّ والروسيّ. . . إلخ، ونحن لا قيمة لنا في العالم العربي إن بقينا خارجها، ولم نتبنها من جديد ونتفاعل ونفعل بها أن هذه الحضارة هي نحن بقدر ما هي هم) (٢).

وفي الحقيقة أن هذه النظرة التي صرح بها الخال وكان جريئًا في طرحها هي النظرة نفسها التي ارتمى فيها معظم الحداثيين، والفرق أنه صرح وبعضهم يلمح، في حين أنهم أجمعين يرون جوهر النهضة هو في الغرب فكرًا وعقيدة وسلوكًا ونظمًا ومذاهبًا، وفي قراءتي المتنوعة لأدب الحداثة وفكرها لم أجد من خرج منهم عن هذه النظرة، وإن كان بعضهم ينتقد المسارعة في الارتماء، والإغراق في التصريح بذلك، غير أن الجميع عن منهل واحد يرجعون بكل ما في هذا المنهل من أخلاط وأوشاب، وحول موائد الغرب يطوفون في ذلة وخضوع.

وليس هذا الذي يقوله الحداثيون اليوم إلّا ثمرة لبذور قديمة بثها من


= تابعة للمخابرات الأمريكية وقامت هذه المجلة وأصحابها وعلى رأسهم الخال وأدونيس وأنسي الحاج بدور كبير في ترسيخ الانحرافات العقدية والسياسية والاجتماعية، وكانوا يحملون حقدًا شديدًا على الإسلام واللغة العربية، وينادون بإلحاق بلاد العرب بالغرب، كما أن يوسف الخال لم يتخل عن نصرانيته، هلك وما زال أتباعه يقتفون أثره ومنهم رياض نجيب الريس صاحب مجلة الناقد. انظر: تاريخ الشعر العربي الحديث ص ٣٠٧، ورأيهم في الإسلام: ص ٢٣، وأسئلة الشعر: ص ١٤٧.
(١) قضايا وشهادات ٢ صيف ١٩٩٠/ الموافق ١٤١٠ هـ: ص ٢٥٤.
(٢) المصدر نفسه: ص ٢٥٥، والنص مأخوذ من شعر عدد ١٥: ص ١٣٨ - ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>