للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي سبيل تسويغ الأخذ عن الغرب تجري شبهات التبرير المتعددة، والتي منها على سبيل المثال لا الحصر: المزج بين التقنية والفكر، والقول بأننا إذا أخذنا التقنية الغربية وجب علينا أن نأخذ معها العقائد والأفكار، وهذا ما يؤكده كثير من الحداثيين، ومن ذلك -مثلًا- قول أدونيس (١): (إننا اليوم نمارس الحداثة الغربية على مستوى تحسين الحياة اليومية ووسائله، لكننا نرفضها على مستوى تحسين الفكر والعقل، ووسائل هذا التحسين، أي أننا نأخذ المنجزات ونرفض المبادئ العقلية التي أدت إلى ابتكارها، إنه التلفيق الذي ينخر الإنسان العربي من الداخل) (٢).

ولست هنا بصدد الرد على هذه المغالطة الواضحة في الخلط بين التقنية والعقائد، ولكن فلننظر ما الذي أخذه أدونيس وسائر الحداثيين من الغرب فيما يخص ما نحن بصدده في هذا الفصل وهو توحيد الربوبية.

لقد قام الفكر الغربي الحديث في جانب كبير منه على إنكار وجود اللَّه -سبحانه وتعالى-، وخضوعًا لمذاهب فلسفية تقدس الحس وتعلي شأنه


(١) أدونيس، علي أحمد سعيد أسبر النصيريّ الباطنيّ الملحد، ولد سنة ١٣٤٩ هـ/ ١٩٣٠ م في جبال العلويين في سوريا، تسمى بأدونيس نسبة إلى وثن الخصب اليونانيّ، سماه بذلك أنطون سعادة زعيم الحزب القوميّ السوريّ، الذي كان أدونيس أحد أعضائه، شارك في تأسيس مجلة شعر، ورأس تحريرها ثم أسس مجلة مواقف، عمل أستاذًا للأدب العربي في الجامعة اللبنانية، وما زال، نال شهادة الدكتوراه من جامعة القديس يوسف في بيروت، وكانت أطروحته بعنوان "الثابت والمتحول" وهو تلمود الحداثة، اهتم فيه بتهديم الدين الإسلاميّ واللغة العربية، يعتبر أدونيس أستاذًا للحداثيين وقدوة لهم، وكبيرًا من كبرائهم، يحتذون أثره، ويتبعونه في تقديس وإجلال كبيرين، عقيدته خليط من أصله النصيريّ، وحاله الماديّ الإلحاديّ، مغرم بكل عدو للإسلام، ومبغض بحقد طافح لدين اللَّه وكل ما يتعلق به من قضايا، مجاهر بذلك غير مستتر به، ويرى أن الحداثة لا تقوم إلّا على هذه الأسس وهو باختصار أكبر طواغيت هذا الزمن، وأشهر عتاة الإلحاد وأظهر عداة الدين والإيمان، وقد انتحل مجموعة من الأعمال الغربية ونسبها لنفسه. انظر: تاريخ الشعر العربي الحديث: ص ٦٩٨، والإسلام والحداثة: ص ٤١٥، ورأيهم في الإسلام: ص ٣١، والصراع بيت القديم والجديد: ٢/ ١٢٣٣، وأدونيس منتحلًا لكاظم جهاد.
(٢) الثابت والمتحول ٣/ ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>