للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلّا لو كانت هذه الأقوال -الموجبة لحد الردة- نشرت في بلد يحكم بالإسلام لكان الأمر غير الأمر!! لاسيما وقد رد طه حسين على تقرير العلماء والكتاب بما يثبت أنه مصر على أقواله الضالة.

وبهذا العمل وأشباهه تقدمت عجلة التغريب تقدمًا عمليًا لتدوس في طريقها القواعد والكليات وتحطم المبادئ والقيم والثوابت والأصول، في ظل حماية الأوصياء على الثقافة والإدارة، وتحت شعارات النفاق العصري: حرية الثقافة، وحرية البحث العلمي، وعالمية المعرفة، ووجوب النقد، إلى غير ذلك من شعارات أريد بها أول ما أريد هدم الإسلام واجتثاثه، على غرار ما وصف هاملتون جب في قوله المذكور سابقًا.

وقد عني الحداثيون بطه حسين وفكره غاية العناية، واهتموا بدراسة أعماله وآثاره المظلمة؛ باعتبار قائدًا للمشروع التنويري الجذري الشامل -بل حد تعبير أحد الحداثيين (١) - إلى حد جعل مجموعة من طواغيت الحداثة الذين يصدرون كتابًا دوريًا بعنوان "قضايا وشهادات"، يخصصون العدد الأول منه عن طه حسين، ويجعلون ديباجة التعريف بقضايا وشهادات قولهم: (قضايا وشهادات، كتاب دوري يتطلع إلى عمل ثقافي جماعي، يبدأ من أسئلة الواقع اليومي التي تمس المثقف ودوره بقدر ما تمس الإنسان العادي الباحث عن الخبز والحرية والكرامة الوطنية، يطمح الكتاب إلى ربط الثقافة الديموقراطية العربية الراهنة بماضيها الثقافي، الذي قاتل من أجل العقلانية وكرامة الإنسان، وبناء مجتمع مدني تكون فيه المصلحة العامة متكأ للقول والفعل والمبادرة. . . .) (٢).

ويعجب العاقل من الحرية التي يدعونها، وهم يمارسون أبشع أنواع


(١) انظر: قضايا وشهادات العدد الأول بعنوان طه حسين العقلانية الديموقراطية الحداثة: ص ٥ من قول لسعد اللَّه ونوس.
(٢) قضايا شهادات - العدد الأول: ص ١، ويشرف على هذا الكتاب الدوري كل من البعثي السعودي عبد الرحمن منيف والشيوعي الأردني فيصل دراج والعلمانيين الليبراليين سعد اللَّه ونوس وجابر عصفور.

<<  <  ج: ص:  >  >>