للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجوهرية في البنى الثقافية والاجتماعية لدينا، خصوصًا التحولات التي طرأت على سوسيولوجيا (١) المثقفين والثقافة، وخروج هذه وهؤلاء عن الإطار التربوي والعقلي للثقافة الإسلامية، وتحول أهل هذه الأخيرة إلى أقلية هامشية، أدى ذلك إلى تزعزع سلطة الأسطورة بتزعزع مكانة أصحابها، وصار لزامًا على المدافعين عن هذه الأسطورة اتخاذ الحس التاريخي عنوانًا على حداثة أسطورتهم) (٢).

ونستنتج من هذا الكلام عدة أمور:

١ - أن حملات الجحد والتشكيك الحداثي والعلمانية الموجهة ضد نصوص الوحي وخاصة القرآن والسنة أخذوها عن اليهودي سبينوزا، وكل ما يقال من الدراسة التاريخية للنصوص، والتأويل المعاصر لها تحت تأثير العلوم الاجتماعية، وإخضاع النصوص لفظًا ومعنى للدراسات النقدية "الفيلولوجيا"، ودعواهم أنها تأثرت بالإنسان فأصبحت نصوصًا بشرية، والتحدث عن الوحي باعتباره نصًا متعاليًا لابد من إخضاعه، ونصًا لغويًا بحتًا، وإخضاع نصوص الوحي لنظريات وقوانين التجربة والدراسات التطبيقية، والمناهج التحليلية والتفكيكية، وضرب النصوص بعضها ببعض، كل هذا يندرج تحت هذه المدرسة، وكله مأخوذ من الغربيين وخاصة من أستاذهم اليهودي سبينوزا، فما ظنك بقوم هذا سندهم وتلك مضامين عقيدتهم، وذلك موقفهم من نصوص الوحي؟.

٢ - المفردات التي ذكرتها في النقطة السابقة هي محور الهجوم التشكيكي والجاحد على نصوص الوحي، وهي مجرد شعارات لا تقوم على أساس، بل إن أساسها المعرفي متهالك من أصوله، والمقصود هنا أن جُلَّ كلام الحداثيين، عن الوحي -وهم مجرد مسخ غريب- يدور حول هذه


(١) سوسيولوجيا، ترجمة هذا اللفظ تعني علم الاجتماع، وهو علم ينصب على دراسة الظواهر الاجتماعية، ويقرر أن المجتمع حقيقة متميزة من أفراده، وأن ظواهره خاضعة لقوانين ثابتة كالظواهر النفسية والفيزيقية والبيولوجية. انظر: المعجم الفلسفي: ص ١٢٤.
(٢) الإسلام والحداثة: ص ٢٦٦ - ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>