فتأمل الجهل بتراث المسلمين والكذب المكشوف في شأن المعتزلة ثم في شان الأشاعرة حيث جعلهم منتسبين إلى أقوال نقلها أبو الحسن الأشعري عن النبي، فيا له من جهل فاضح!!.
وفي المقابل نرى الالتحاق بالغرب والنقل عنه، فبعد أن ذكر سبينوزا اليهودي وأشاد به في دراسته الشكية للتوراة عاد مرة أخرى قائلًا: (نعود إلى سبينوزا وإلى فهم التاريخ الذي أسسه: فقد أسس سبينوزا ومن سار في مسارات موازية له، التاريخ بما هو معرفة لتاريخية الأمور: تاريخية النص، تاريخية وأسطورة محتوى النص.
وجاءت هذه المعرفة على صورة مغايرة للمعرفة قبل التاريخية للتاريخ والبنى الأسطورية للعلم التاريخي في العصور الوسطى الإسلامية: جاءت وعيًا للتحرر من سلطة الأسطورة ومن أسطورة السلطة، يعني أن المجهود السبينوزي -ونرمز به للجهود الموازية التي ما اكتملت إلّا في القرنين التاليين على سبينوزا- قضى على أسبقية المعنى على التفسير التاريخي، ذلك أن التعليلات التاريخية للنصوص المقدسة -إسلامية ومسيحية ويهودية- السابقة على سبينوزا كانت تفترض معاني نصوصها في ضوء واقعها اللاحق، ولم تكن جهودها الفيلولوجية موضوعية بل مرتبطة بمقاصد عقيدية أو عملية معينة، وقد افترضت هذه المقاصد أن ثمة "حقيقة" ناصعة تكمن في النصوص، وأن الجهد التفسيري يجب أن ينصب على استكناه الحقيقة هذه، أمّا الفيلولوجية السبينوزية فقد رامت استعادة موضوعية المعنى وحقيقة المعنى، لا البحث عن معنى الحقيقة،. . . وهدفت إلى إرجاع الحقائق والمعاني إلى نصابها المتعين زمانًا ومكانًا.
من نافل القول: إن انتباه النابهين منا في أواخر القرن الماضي وفي الربع الأول من هذا القرن إلى التاريخ كنمط ممارسة الحداثة في كل مجتمع متحول -مجتمعاتنا شأن المجتمعات الأوربية المتحولة في عصر العلمانية- لم يكن ناتجًا ببساطة عن لقاح الغرب، أو عداوة أو غزوه الثقافي كما يحلو للبعض أن يقول، نتج هذا الانتباه عن التحولات الكبيرة والانقطاعات