للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أذلة على الكافرين أشداء على المسلمين، عقولهم مسترقة، وأفئدتهم مستعبدة، وأفكارهم مستوردة، أطوع في أيدي الأعداء من الأجهزة المبرمجة، وأسرع في تنفيذ مخططاتهم، وأكثر تلونًا ومكرًا وكيدًا لأمة الإسلام من الأعداء الأصليين.

الحداثيون الملاحدة -محل البحث هنا- أكبر مثال على هذا، وعند التأمل في أقوالهم واعتقاداتهم لا نجد أنهم بارحوا أئمة المادية الإلحادية، وإذا أردنا بحق أن نعرف خلفيات الانحرافات الاعتقادية والفكرية والسلوكية عند هؤلاء فإننا لابد أن نطلع على المذاهب والعقائد والفلسفات الغربية لنجد أن أتباعهم من أبناء المسلمين ليسوا إلّا مسخًا عربيًا لأئمة الانحرافات الغربية.

فمثلًا في قضية وجود اللَّه -جل وعلا- وربوبيته تعالى لا يخرج ملاحدة الحداثة العربية عن دائرة المذاهب الشكية (١) واللاأدرية (٢) والمادية (٣)


(١) الشكيّة: تصور فلسفيّ قريب من اللاأدرية، والشكية كعقيدة فلسفية انبعثت خلال أزمة المجتمع القديم. . . وكانت هناك اتجاهات شكية مختلفة في الفلسفة الغربية في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وبصفة عامة لعبت النزعة الشكية دورًا هامًا في دحض العقائد القطعية. . .، ومن ثم مهدت الأرض لاعتناق المادية.
والشكية الريبية الحديثة (المذهب الوضعي والمذهب العلمانيّ) تتمثل في التصديق بما تنقله الحواس، وفي إثبات حقيقة العالم الماديّ لا غير، وفي الشك في وجود اللَّه. انظر: الموسوعة الفلسفية من وضع لجنة من الأكاديميين السوفييت، ترجمة: سمير كرم: ص ٢٦٤، ومعجم المصطلحات والشواهد الفلسفية لجلال الدين سعيد: ص ٢٥٨ - ٢٦٠، والموسوعة الفلسفية للحنفي: ص ٤٣٣ - ٤٣٤.
(٢) اللاأدرية: مذهب فلسفي مشتق من كلمة لا أدري، ويسمى اللاعرفانية، ويقوم على الإنكار الكلي أو الجزئي لإمكان معرفة حقيقة الأشياء أو البت في المسائل الماورائية كوجود اللَّه ونهاية الكون، وظهرت هذه النزعة مع بيرون والسوفسطائيين، واللاأدرية بمعناها العام هي وجهة النظر التي تنكر إمكان التأكد من وجود اللَّه تعالى، ويقولون بأن إثبات وجود اللَّه تعالى أو إنكاره مستحيل، يعتبر الإنجليزي توماس هكسلي ١٢٤٠ هـ - ١٣١٢ هـ/ ١٨٢٥ م - ١٨٩٥ م أول من صاغ أصطلاحات اللاأدرية، واستُخدم هذا المذهب بشكل واسع في فلسفة القرن التاسع عشر. انظر: معجم المصطلحات والشواهد الفلسفية ص ٣٨٧، والموسوعة الفلسفية لجماعة من علماء السوفييت: ص ٤٠٢، والموسوعة الفلسفية لعبد المنعم الحنفي: ص ٣٩٠، ٤٢٦.
(٣) المادية: اتجاه فلسفيّ وضعيّ يقرر بأن لا وجود لأي جوهر غير المادة، فجميع =

<<  <  ج: ص:  >  >>