والوضعية المنطقية: اتجاه منبثق من الوضعية، ويعول أساسًا على التجربة تحقيقًا للدقة والتحليل المنطقيّ للغة، ثم تحولت إلى دراسة تحليلية منطقية للغة لتحقيق وحدة مشتركة بين فروع العلوم المختلفة، وتقول الوضعية المنطقية: إنه لا يمكن قيام فلسفة علمية أصيلة إلّا بواسطة التحليل المنطقيّ للعلم. ووظيفة هذا التحليل المنطقي هي أولًا: التخلص من الميتافيزيقيا، أي: كل ما وراء الطبيعة وهو ما سبق شرحه عند ذكر الماورائية، وتسمى الوضعية المنطقية: الوضعية الجديدة، وقد تولد منها وضعيات أخرى مثل الوضعية المنطقية في علم الأخلاق والسياسة الوضعية، وأساس ذلك عندهم إقامة نظام أخلاق واجتماعي ملائم للعصر الصناعيّ، وأن الخير والشر ليس لها معنى على الإطلاق وأنها ليست سوى أشباه مفاهيم، وتعتبر الوضعية المنطقية وتطبيقاتها ديانة وضعية، ديانة إنسانية تزدري الميتافيزيقيا. وأظهر فلاسفتها بعد كونت براتراند راسل الفيلسوف الإنجليزيّ الملحد المنادي بحقوق اليهود والتحرر الجنسيّ، ولودفيج فتجنشتاين وهو يهوديّ، وفلاسفة حلقة فينا هانزهان وأوتونويراث وفيليب فرانك وارنست ماخ وفريدريش فايزمان وفيلكس كلوفمان وردولف كارناب اليهوديّ الألماني، وقد ذاع بأن هذه الحلقة تجمع يهوديّ وأن نواة دعوتها صهيونية، وقد ذاعت دعوتها وانشد إليها الكثير من الفلاسفة في أوربا وأمريكا، وكان أبرزهم الفريدتارمسكي وجيلبرت رايل وألفريد اير، وقد تأثرت بالوضعية عدة فلسفات معاصرة مثل البرغماتية "الذرائعية". وخلاصة القول: إن الوضعية تناهض الميتافيزيقيا وكل ما وراء الحس بدعوى أنها تبحث في موضوعات لا معنى لها طالما أنها موضوعات تتجاوز الخبرة، ولا يُمكن من صدقها عمليًا. انظر: الموسوعة الفلسفية للحفني: ص ٥٢٦ - ٥٢٨، ٣٦٢، والمفاهيم والألفاظ في الفلسفة الحديثة: ص ١٦٦، ومعجم المصطلحات والشواهد: ص ٤٨٧ - ٤٨٩، والموسوعة الفلسفية لأكادميين سوفييت: ص ٥٨٢ - ٥٨٥، والمعجم الفلسفي: ص ٢١٤.