للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاختلافات التي أضافوها على التوراة والانجيل.

غير أن الخال يوضح في موضع آخر مراده بهذا الطرح، ويطرح استفهامًا شكيًا يوصل إلى التشكيك في كون القرآن موحى به لفظًا ومعنى من اللَّه تعالى، فيقول: (هل أن أحكام الشريعة إلهية أم من صنع البشر وبالتالي تحتمل التطوير؟.

وفي معرض هذا الاستفهام تستوقفنا مسألة أخرى: هل القرآن منزل حرفيًا أم أوحي به معنى وروحًا، كما هي الحال بالنسبة للدين المسيحي) (١).

والخال الذي يقول: (أنني شاعر مسيحي، والمسيحية جزء من تراثي إن لم تكن في جوهره وصميمه) (٢) يبدو متفقًا مع ديانته حتى وهو في قمة الحداثة، التي كان من شأنها سلخ أبناء المسلمين عن دينهم، ففي معرض حديثه عن النصرانية والإسلام يرى أن من حسن حظ النصرانية إن جوهرها هو المسيح ذاته عليه الصلاة والسلام، وأن الذين شرحوها هم من صميم الحضارة، وأمّا الإسلام فإن جوهره القرآن وإن الذين فسروا واجتهدوا فيه لم يكونوا من صميم الحضارة، وهذا -حسب قوله- من سوء حظ الإسلام، يقول: (ينطلق كل دين من الدعوة إلى حياة أفضل ومصير أفضل، وبما أن المسيح لم يضع كتابًا، فإن جوهر المسيحية هو شخص المسيح لا ما روي عن لسانه وعن سيرة حياته، أمّا الإسلام فإن جوهره القرآن، ومن حسن حظ المسيحية أن الذين فسروا حياة المسيح وأقواله وشرحوها ولوهتوها هم من صميم الحضارة الإنسانية النامية في حوض البحر المتوسط، هذه الحضارة التي قلنا -فيما سبق- إنها مركزت الجهد الإنساني العقلي والروحي، وهكذا جاءت المسيحية من ضمن هذه الحضارة الإنسانية فتفاعلت معها وأغنتها، بل غيرتها وطبعتها بطابعها، ومن سوء حظ الإسلام


(١) رأيهم في الإسلام: ص ٢٨.
(٢) أسئلة الشعر: ص ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>