في أبشع وأقذر صورها وتطبيقاتها، من غير إحساس بأدنى حرج من جهلهم المطبق وتناقضاتهم الهائلة.
خذ -مثلًا- هذا الناقد لأدونيس الذي كشف عواره في انتحالاته وسرقاته من كتب ومجلات الغربيين، لكنه نفسه لم يسلم من الانتحال، فها هو يردد ألفاظ الغربيين، فيما يتعلق بالوحي من أمثال "الحجة اللاهوتية" و"المؤلف المتعالي" و"النص المتعالي"، كل هذا من العقائد والأفكار المنتحلة التي ليست من تراث الأمة ولا من مصطلحاتها، فما الفرق إذن بين الاثنين؟.
بل ما الفرق بين هذين وسواهم من الحداثيين والعلمانيين؟ الذين لا يخرجون من دائرة الانتحال والاستعارة مهما حاولوا التشبث بالتراث واللغة، ومهما ادعوا التحرر الفكري والاستقلال الثقافي؟ لأن القاعدة الفكرية التي ينطلقون منها ليست سوى أفكار الغربيين حشوا بها أدمغتهم وملأوا بها أوعيتهم ثم فاضت قلوبهم وألسنتهم وأعمالهم بما يؤكد أنهم دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيها، وهم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، واللَّه غالب على أمره.
ولأستاذ الحداثة وسادنها الأكبر يوسف الخال أقوال في هذا الصدد من خلال أسئلة شكية يلقيها في قلوب الاتباع فتورثهم ريبًا، ومن خلال تحليلات نصرانية حداثية تقود إلى الجحد وتوصل إلى الزعزعة التي هي من مقاصده الكبرى: فهو يصف طبيعة الوحي أو نظرية الوحي -حسب قوله- والفرق بين اللاتينية والعربية، فالمسلم يؤمن بأن الوحي منزل بالحرف والمسيحية ترى أن الوحي منزل بالمعنى، ثم يقول إذا كنت أشعر شعورًا مسيحيًا فليس هذا أنني ضد التراث العربي (١).
أمّا كون الوحي منزل بالحرف، فهذا هو حال جميع الكتب المنزلة على الأنبياء، وأمّا النظرة النصرانية التي وصفها فهي تبرير كنسي للاختلاقات