وكلامه من هذا القبيل كثير (١)، وهو على النمط المتهافت الذي يلقي الشك والشبهة ويبني عليها الحكم، والناظر في أصول جدليات الكافرين حول الحقائق الدينية يجد أنها تعتمد على:
(١ - الاحتجاج بما كان عليه الآباء وجحود الحقائق والأدلة الظاهرة بالمكابرة.
٢ - الإصرار على اعتبارها من قبيل السحر أو الكذب أو الباطل، أو أساطير الأولين، وظاهر أن مثل هذا ليس بحجة وإنّما هو فرار من الإذعان إلى إطلاق الشتائم، وتكذيب للحقائق بالأوهام.
٣ - الاحتجاج بالاستغراب والاستبعاد دون سند من العقل الصحيح، والاستغراب والاستبعاد حجة مرفوضة؛ لأنها تعتمد على عدم الألف للموضوع أو أنه لم تسبق فيه مشاهدة حسية، وليس شيء ذلك بمقبول منطقيًا، فما كل حقيقة بحب أن تكون مألوفة، أو يجب أن تسبق فيها مشاهدة حسية للناس كلهم أو بعضهم.
٤ - الاحتجاج بامتياز الكافرين على المؤمنين بوسائل الرفاهية والترف في الحياة، واعتبار ذلك دليلًا على فساد عقيدة المؤمنين ومنهجهم؛ لأنهم لو كانوا على حق لأغناهم اللَّه وزادهم رفاهية وترفًا، وهذه حجة ساقطة، وأن أي عاقل يدرك أساس الإيمان وأهداف الحياة الدنيا، يعلم أن الحياة الدنيا دار امتحان وابتلاء، وأن إحدى مواد الإمتحان في هذه الحياة الابتلاء بالغني أو بالفقر، بحسب حال كل إنسان، وإن الابتلاء بالغنى ليس تكريمًا، وأن الابتلاء بالفقر ليس إهانة، حتى إذا انتهت فترة الامتحان وجاء دور الجزاء الأكبر في الآخرة ظهر تمييز المؤمنين على الكافرين، فللمؤمنين دار النعيم الخالد وللكافرين دار الشقاء الأبدي. . . .
٥ - اللجوء إلى عمليات الصد عن استماع الحق والشتائم والهزء والسخرية ونحو ذلك مما يفعله المبطلون حينما تتهاوى حججهم وتتساقط