للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المادة هي كل الوجود، وأن مظاهر الوجود تطور متصل للقوى المادية، وأن أجلى مظاهرها مظاهر تطور الإنسان، وأن أحداث هذا التطور الماديّ -حسب زعم الماركسية- تخضع لقانون جبريّ موجود في ذات المادة، وهو صفة من صفاتها الذاتية، وأن الحياة الاجتماعية والاقتصادية تسير وفق قانون الصيرورة، قائم على القضية ونقيضها ومركب القضية والنقيض وهذه هي المادية الجدلية، ومظهرها صراع الطبقات الاجتماعية.

وقد قامت الفلسفة الماركسية على أساس إنكار وجود اللَّه والقول بأزلية وأبدية المادة وجعلها كل شيء في الوجود، وتفسير حركتها وتفسيرها تفسيرًا ماديًا بحتًا، وبناءً على ذلك قام ماركس بتفسير التاريخ الإنسانيّ تفسيرًا ماديًا وأخضعه لنظام المادية الجدلية، وقد جعل ماركس فلسفته ممارسة حياتية، ففي الاقتصاد الاشتراكية العلمية وهي المذهب الاقتصاديّ القائم على إلغاء الملكية الفردية، وجعل الدولة مالكة لكل شيء على مبدأ: من كلٍ حسب استطاعته ولكل حسب حاجته، وفي السياسة دعا إلى إقامة الدولة الشيوعية عن طريق الثورة الجارفة المدمرة، وفي المجتمع دعا إلى إطلاق الحريات الشخصية على أوسع مدى شريطة أن لا تمس المبادئ الشيوعية أو نظام حكمها، ودعا إلى أن تكون العلاقة الجنسية مشاعًا، وفي الأخلاق نادى بهدم القيم والأخلاق التقليدية التي تعارف عليها الناس، لكي يقوم بدلًا عنها أخلاق البرامج الشيوعية، التي تحقق قيام المجتمع الشيوعيّ على نظام إداريّ سياسي شيوعيّ في دولة "ديكتاتورية البروليتاريا" أي الاستبداد الشيوعيّ الصارم من قبل رأس هرم الحزب الشيوعي، وقد تحقق قيام الشيوعية في دولة الاتحاد السوفيتي الهالك، ودولة الصين الشيوعية المتهالكة، وما تبع ذلك من دول، ولكن الشيوعية اليوم ممارسة وفكرًا تتهاوى وتتلاشى مؤذنة بزوالها التام عما قريب -إن شاء اللَّه تعالى-.

وقد كان ماركس يهودي الأصل، اعتنق والده النصرانية نفاقًا، وكان ماركس صاحب مزاج خبيث وعالة على أهله وأصدقائه، قامت فلسفته على آراء ملاحدة اليونان أبيقور وديموقريطس، ثم أخذ عن هيجل الجدل

<<  <  ج: ص:  >  >>