للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمّا إذا انتقلنا إلى غير أدونيس، ممن يعتبر عند بعض الدراسين من المعتدلين في الحداثة، وهو إحسان عباس!! فإننا نجد أنه تحدث في كتابه "اتجاهات الشعر العربي" عن الأسطورة في الشعر المعاصر وكيف استخدمها الشعراء، وضرب لذلك أمثلة عديدة، وجعل منها المسيح ويحيى عليهما الصلاة والسلام والخضر وأخبار الإسراء والمهدي المنتظر، كلها عدها من الأساطير (١).

وسوف أعرض هنا نموذجًا للفكر الحداثي والمغالطة الحداثية والافتراء الجريء على الحقائق الثابتة، وهذا يعطينا تصورًا عن نوعية القوم الذين يريدون أن يهدموا دين الإسلام بسواعدهم الضعيفة وأفكارهم الكليلة، ويعطينا صورة عن الموضوعية المدعاة والعقلانية المزعومة، يقول أحدهم: (إن سمو التوحيد -كل توحيد- يتطلب برهانًا كما الوثنية؛ لأنها إنشاءات تقام على افتراضات) (٢)، أي أن وحدانية اللَّه تعالى مجرد إنشاء بشري قائم على محض الافتراض.

وإذا نظرنا في تقسيم التدين فإنه لابد أن يكون إمّا توحيدًا كملة أهل الإسلام وإمّا وثنية كمن عداها، حتى ولو كان صاحبها يدعي الإلحاد وعدم الإيمان بشيء فإن ذلك في حد ذاته وثنية.

وبما أن القائل يعيش الوثنيات المعاصرة ويتلبس بمفهوماتها فهو لا يحتاج إلى برهان في وجودها ووجود أتباعها، إذن هو يتطلب برهانًا للتوحيد الذي يبدو أنه يجحده أو يشك فيه، وحيث أن الرجل فرنسي النزعة فسوف نأتيه بفرنسي يحدثه عن المصدر الذي يتضمن إثبات التوحيد وتأكيده.

يقول موريس بوكاي (٣): (لقد فهمت بدراسة القرآن الكريم وذلك دون


(١) اتجاهات الشعر العربي المعاصر: ص ١٢٨ - ١٢٩.
(٢) رأيهم في الإسلام: ص ٢٢٤، والقول لعبد الوهاب المؤدب من المغرب العربي.
(٣) موريس بوكاي من علماء الطبيعة الفرنسيين، له أبحاث تجريبية عديدة، اطلع على القرآن فأذعن لما فيه من مطابقات دقيقة للمكتشفات الحديثة والحقائق العلمية، فألف كتابًا عن ثبوت القرآن، والشك والتحريف في التوراة والإنجيل، وألقى في ذلك عدة محاضرات.

<<  <  ج: ص:  >  >>