للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكر مسبق وبموضوعية تامة باحثًا عن درجة اتفاق نص القرآن ومعطيات العلم الحديث، وكنت أعرف قبل هذه الدراسة وعن طريق الترجمات بذكر أنواعٍ كثيرة من الظاهرات الطبيعية، ولكن معرفتي كانت وجيزة، وبفضل الدراية الواعية للنص العربي استطعت أن أحقق قائمة أدركت بعد الانتهاء منها أن القرآن لا يحتوي على أية مقولة قابلة للنقد من وجهة نظر العلم في العصر الحديث) (١).

ومع قيام هذه الحقائق نجد المستغربين لا يعلمون ولا يشعرون أنهم لا يعلمون، فها هو الحداثي المشار إليه آنفًا، يقول: (وكان التوحيد قد اخترق الجزيرة العربية في صيغته اليهودية والمسيحية، فكان بعض اليهود والمسيحيين ينتظرون موسى آخر وربما وجدوه بشخص محمد، إذ كان رجل ثقافة واسعة وتفهّم كبير فشعر أن شعبه جاهز للانصاط (٢) على أهبة الاستعداد للفتح، فخط التوحيد بلغة الضاد، وأقام وحدوية رمزية تتسم بطابع الآنية كحافز لانطلاقة العرب، وأن تتخذ تلك الوقائع، الأسطورة هالة لها، فالأمر طبيعي.

قلت: إن محمدًا كان رجل ثقافة، فلماذا ادعو أنه أمي، لا يقرأ ولا يكتب؟ أمن أجل إضفاء مصداقية أكبر وشرعية أعظم تزيد الرسالة نفاذًا في النفوس؟ فكل كلام علمي يتلفظ به أمي، لابد من أن يتجاوز قائله ليصبح مصدره إلهيًا) (٣).

بالطبع لا يُمكن لقائل هذا القول أن يكون ممن يؤمن باللَّه ويصدق رسوله هذا أولًا، وثانيًا هذا القائل يكشف عن جهل فاضح، فهو يعد التوحيد دخل إلى جزيرة العرب عن طريق اليهود والنصارى، وهؤلاء مشركون ليسوا من الموحدين، أمّا نفيه أمية محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو -إضافة إلى


(١) القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم، دراسة في الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة: ص ١٣ لموريس بوكاي.
(٢) هكذا ولعل الصواب الانضباط.
(٣) رأيهم في الإسلام: ص ٢٢٥. والقول لعبد الوهاب المؤدب.

<<  <  ج: ص:  >  >>