للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مناقضته التامة للأخبار القطعية والأحداث التاريخية- قول قديم قاله الكفار من قبل {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٥)} (١)، وهي دعوى كاذبة لا رصيد لها من الحقيقة، ولو افترضنا جدلًا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان مثقفًا ثقافة واسعة كما يقول هذا الضال لينفي الوحي والنبوة، فأي ثقافة كانت في عهده أو في من قبله تقول بأن الإنسان كلما صعد إلى السماء ضاق صدره واختنق؟، ومن الذي أخبره بأن لبن الأنعام يخرج من بين الفرث والدم؟، ومن الذي أخبره بأن الجزيرة العربية كانت مروجًا وأنهارًا؟ ومن الذي أخبره أن بين البحرين حاجزًا مائيًا؟، ومن الذي أخبره بأن الإنسان يكون نطفة ثم علقة ثم مضغة؟، وغير ذلك من الأمور التي جاءت في الوحي، ما كان يعرفها هو ولا قومه ولا أي أمة من أمم الأرض، ولم تكتشف إلّا في هذه الأعصر المتأخرة بعد أبحاث طويلة وجهود متواصلة وتجارب عديدة.

أمّا السياب رائد الشعر الحديث كما يقولون فلم تكن ريادته في أنه قلد الإنجليز في شكل الشعر فحسب بل كانت ريادته أيضًا في أنه قلدهم في المضامين، ولم تكن ريادته عند أهل الحداثة لمجرد التجديد.

في الأساليب الشعرية بل لأنه تقحم في موارد الوثنيات ومراتع الضلالات، ومن أمثلة ذلك أنه عد وحي السماء أساطير بالية تجر القرون بمركبة من جنون ولظى وغبار السنين، يقول:

(أساطير، مثل المُدى القاسيات

تلاوينها من دم البائسين

فكم أومضت في عيون الطغاة

بما حملت من غبار السنين

يقولون وحي السماء


(١) الآية ٥ من سورة الفرقان.

<<  <  ج: ص:  >  >>