للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأوهام خرافية مع دعاوى عريضة خالية من أي دليل أو برهان؛ لأنه يلغي أصلًا مبادئ الفكر وموازين العقل (١)؛ ولذلك كثرت عنده الأغاليط الفكرية والتخبطات الذهنية، وذلك يرجع إلى رؤيته الناقصة للأشياء والأحداث، وأحكامه التعميمية السريعة، مقرونة بالإعجاب بنفسه والغرور بفكره، وقد توجد في كتبه بعض المقولات ذات التعبيرات القوية الذكية، تشبه ذكاء الشعراء والأدباء الساخرين، لا الحكماء العاقلين، وهذا هو سبب اغترار الإمعات به وانجرارهم إلى شرك أوهامه.

وتدور آراؤه حول نفي العقل، وأنه لا حاجة إليه وأنه خطر (٢)، وإنكار الحقائق والزعم بأن الوجود في "صيرورة دائمة" أي التغير الدائم الذي ليس له غاية ينتهي إليها بل الصيرورة عنده غاية في نفسها وهي كل شيء ولا شيء وراءها (٣).

ومن محاور فلسفته القول بإرادة القوة حيث جعل القوة هي الفضيلة العظمى والوحيدة في الوجود كله، فدعا إليها وإلى استعمالها دون إشفاق أو حنان واعتبر هذا هو أساس الأخلاق؛ ولذلك يسمى "فيلسوف القوة".

وأخذ نيتشه بنظرية التطور المسماة مذهب التطور والارتقاء (٤)، وزعم أن كل صنف يخلق صنفًا أرقى منه وهكذا تم الأمر من الحيوان حتى وصل في آخر الأمر لخلق الإنسان، وأن على الإنسان أن يخلق الصنف الأعلى والأرقى وهو "السوبرمان" أي الإنسان الأعلى، وجعل ذلك هو غاية الإنسانية.


(١) و (٢) سيأتي في ثنايا البحث -بإذن اللَّه- أن الحداثيين يعتبرون رفض العقل وموازينه والضوابط أيًا كانت من أصول حداثتهم وإبداعهم.
(٣) من أصول الفكر الحداثيّ الصيرورة الدائمة وعدم الثبات مطلقًا، وسيأتي بيان ذلك -إن شاء اللَّه-، وهذا هو منزعهم الذي نزعوا منه "نيتشه الملحد المجنون" إضافة إلى "داروين".
(٤) نظرية داروين.

<<  <  ج: ص:  >  >>